بشرًا من أشياء عدّدها. منها ذِكْر القرآن. فرفع بِشْر صوته يَقُولُ: مَعَاذَ اللَّه لست بتائب.
وكثر النّاس عَلَيْهِ حتّى كادوا يقتلونه، فأُدخل إلى باب الخَدَم.
الحوار بين المأمون والرضا:
وأما المأمون، فذكر أنّ عليّ بْن موسى الرِّضا حدَّثَ المأمون بما فيه النّاس من القتال والفتن منذ قتل الأمين. وبما كَانَ الفضل بْن سهل يستره عَنْهُ من الأخبار. وأن أهل بيته والناس قد نقموا عَلَيْهِ أشياء، وانهم يقولون: إنّك مسحور أو مجنون، وقد بايعوا عمك إبراهيم. فقال: لم يبايعوه بالخلافة. وإنما صيروه أميرًا يقوم بأمرهم. فبين لَهُ أنّ الفضل قد كتمه وغشه.
فقال: من يعلم هذا؟ قَالَ: يحيى بْن مُعَاذ، وعبد العزيز بْن عِمران، وعدة من أمرائك فأدخلهم عَلَيْهِ، فسألهم، فأبوا أنّ يخبروه إلا بأمان من الفضل أنّ لا يعرض لهم. فضمن المأمون ذَلِكَ، وكتب لكل واحدٍ منهم بخطه كتابًا. فأخبروه بما فيه النّاس من البلاء، ومن غضبه أهل بيته وقواده عَلَيْهِ في أشياء كثيرة. وما موه عَلَيْهِ الفضل من أمر هَرْثَمَة. وأن هَرْثَمَة إنّما جاءه لنصحه وهدايته إلى الأمر. وأنّ الفضل دسّ إلى هَرْثَمَة من قتله. وأنّ طاهر بْن الحُسين قد أبلى في طاعتك ما أبلى، وفتح الأمصار، وقاد إليك الخلافة مزمومة، حتّى إذا وطَّأ الأمر أخرج من ذَلِكَ كله، وصير في زاويةٍ من الأرض بالرقة. قد منع من الأموال حَتَّى ضعف أمره، وشغب عليه جنده. وأنه لو كان عَلَى بغداد لضبط الملك بخلاف الْحَسَن بْن سهل. وقد تنوسي طاهر بالرَّقَّة لا يستعان بِهِ في شيء من هذه الحروب1.
خروج المأمون إلى العراق:
ثمّ سألوا المأمون الخروج إلى العراق، فإنّ بني هاشم والقواد لو رأوا غرّتك سكتوا وأذعنوا بالطّاعة. فنادى بالمسير إلى العراق. ولمّا علم الفضل بْن سهل بشأنهم تعنّتهم حتّى ضرب البعض وحبس البعض. فعاود عليّ الرِّضا المأمون في أمرهم، وذكره بضمانه لهم. فذكر المأمون أن يداري ما هو فيه.