ثمّ ارتحل من مَرْو وقدم سرخس، فشد قوم عَلَى الفضل بْن سهل وهو في الحمّام، فضربوه بالسيوف حتّى مات في ثاني شَعْبان. وكانوا أربعةً من حَشَم المأمون: غالب المسعوديّ الأسود، وقسطنطين الرُّوميّ، وفرج الدَّيْلَمّي، وموفق الصّقلبي، فعاش ستين سنة، وهرب هَؤُلاءِ، فجعل المأمون لمن جاء بهم عشرة آلاف دينار. فجاء بهم العبّاس بْن الهَيْثَم الدِّيَنَوَريّ، فقالوا للمأمون: أنت أمرتنا بقتله. فضرب أعناقهم. وقد قِيلَ: إنهم اعترفوا أنّ عليّ ابن أخت الفضل بْن سهل دسّهم.
ثمّ إنّه طلب عَبْد العزيز بْن عِمران، وعليَّ بْن أخت الفضل، وَخَلَفًا الْمَصْرِيّ، ومؤنسًا، فقررهم، فأنكروا. فلم يقبل ذَلِكَ منهم، وضرب أعناقهم أيضًا، وبعث برؤوسهم إلى واسط، إلى الحَسَن بْن سهل، وأعلمه بما دخل عَلَيْهِ من المصيبة بقتل الفضل، وأنه قد صيره مكانه. فتأخّر في المسير ليحصّل مغل واسط. ورحل المأمون نحو العراق1.
وكان عيسى بْن محمد، وأبو البط، وسعيد يواقعون عسكر الحَسَن كل وقت.
دعوة المطلب بْن عَبْد اللَّه للمأمون سرًا:
وأما المطلب بْن عَبْد اللَّه فإنه قدِم من المدائن من عند إبراهيم، واعتل بأنه مريض، وأخذ يدعو في السر للمأمون، عَلَى أنّ يكون منصور بْن المهديّ خليفة المأمون ويخلعون إبراهيم. فأجابه إلى ذَلِكَ منصور بْن المهديّ وخزيمة بْن خازم وطائفة، فكتب إلى حُمَيْد بْن عَبْد الحميد، وعليّ بْن هشام أنّ يتقدما إلى نهر صَرْصَر والنهروان. ففهم إبراهيم بْن المهديّ حركتهم، وبعث إلى المطلب ومنصور وخزيمة ليحضروا. فتعللوا عَلَى الرَّسُول. فبعث إبراهيم إلى عيسى بْن محمد بْن أَبِي خَالِد وإخوته.
فأما منصور وخزيمة فأعطيا بأيديهم. وأمّا المُطَّلب فغافل عَنْهُ أصحابه وعبر منزله حتي كثر عليهم النّاس. وأمر إبراهيم بنهب دياره واختفى هُوَ. ولما بلغ ذَلِكَ حُمَيْدًا وعليّ بْن هشام، بعث حُمَيْد قائدًا إلى المدائن ثمّ نزلاها. فندم إبراهيم عَلَى ما صنع بالمطلب ولم يقع به2.