فلمّا جاءت الهزيمة أقبل سهل بْن سلامة يَقُولُ لأصحابه: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. فكان كلّ من أجابه لذلك عمل عَلَى باب داره برجًا بآجر وجَصّ، ينصب عَلَيْهِ السّلاح والمصحف. فلمّا وصل عيسى من الهزيمة أتى هُوَ وإخوته وأصحابه نحو سهل؛ لأنّه كَانَ يذكرهم بالفسق ويسبهم، فقاتلوه أيامًا. ثمّ خذله أهل الدُّرُوب؛ لأن عيسى وهبهم حملا من الدراهم، فكفوا. فلمّا وصل القتال إلى دار سهل بْن سلامة ألقى سلاحه واختلط بالنظارة، واختفى ودخل بين النساء. فجعلوا العيون عليه، فأخذوه في الليل من بعض الدُّرُوب، وأتوا بِهِ إِسْحَاق بْن الهادي، وهو وليّ عهد بعد عمّه إبراهيم، وكلمهُ وحاجّهُ وقال: حرضت علينا النّاس وعبتنا! فقال: إنّما كانت دعواي عبّاسيّة؛ وإنّما كنت أدعو إلى الكتاب والسُّنَّة. وأنا عَلَى ما كنت عَلَيْهِ، أدعوكم إِلَيْهِ السّاعة. فلم يقبل منه وقال: أخرج إلى النّاس وقل: ما كنت أدعوكم إِلَيْهِ باطل. فخرج إلى النّاس وقال: يا مَعْشَر النّاس، قد علمتم ما كنت أدعوكم إليه من الكتاب والسنة، وأنا أدعوكم إلى ذَلِكَ السّاعة. فوجأ الأعرابُ في رقبته ولطموه، فنادى: يا مَعْشَر الحربية، المغرور مَن غررتموه.
ثم قيد وبعث إلى المدائن، إلى إبراهيم بْن المهديّ. فجرى بينه وبين إبراهيم كنحو ما جرى بين ابن الهادي وبينه. فأمر بسجنه1.
وكانوا قد أخذوا رجلا من أصحابه، يقال لَهُ: محمد الرواعيّ، فضربه إبراهيم ونتف لحيته وقهره2.
هياج العامة عَلَى بشر المريسي:
واستعمل إبراهيم عَلَى قضاء بغداد قيس بْن زياد الخُراسانيّ الحنفيّ، فهاجت في أيّامه العامّة عَلَى بِشْر الْمَرِيسيّ، وسألوا إبراهيم بن المهدي أن يستتبه، فأمر قيس بذلك.
قَالَ محمد بْن عَبْد الرَّحْمَن الصَّيْرفيّ: شهدتُ جامع الرّصافة وقد اجتمع النّاس، وقُتَيْبة جالس. وأقام بِشْر الْمَرِيسيّ عَلَى صُنْدوق، ومُستَمْلي سُفْيَان بْن عُيَيْنَة أبو مُسْلِم، ومستملي يزيد بْن هارون يذكر أنّ أمير المؤمنين إبراهيم أمر قاضيه أن يستتيب