وتَدَّعُون التَّقَشُّف، فكتب له ابن أبي ذيب كتابًا أغلظ له، وجاوَبه مالك جواب فقيه.

وقيل: إن العُمريّ وعظ الرشيد، فتلقّى قَوله بنعم يا عمّ. فلمّا ذهب اتْبعه الأمين والمأمون بكيسين فيهما ألف دينار، فلم يأخذها، وقال: هو أعلم بمن يفرقها عليه، ثم أخذ من الكيسين دينارّا، وقال: كرهتُ أن أجمع عليه سوء القول وسوء الفعل.

وشخص إليه بعد ذلك إلى بغداد، فكره الرشيد مجيئَه، وجمع العمريّين وقال: ما لي ولابن عمْكم؛ احتَمَلْتُه بالحجاز فأتى إلى دار ملكي يُريد أن يُفسد عليّ أوليائي. رُدُّوه عنّي. قالوا: لا يقبل منّا.

فكتب إلى الأمير موسى بن عيسى أن يرفَق به حتّى يردّه.

أحمد بن زهير: ثنا مُصْعَب الزُّبَيْريّ قال: كان العمري جسيمًا أصفر، لم يكن يقبل من السلطان ولا من غيره، ومَن وُلّي من معارفه وأقاربه لا يكلّمه.

وقد وُلّي أخوه عمر المدينة وكرْمان واليمامة، فهجره حتّى مات، ما أدركت بالمدينة رجلا أهْيَبَ عند السلطان والعامّة منه.

وكان ابن المبارك يَصِلُه فيقبل منه.

قال: وقدِم الكوفة يريد أن يخوّف الرشيد بالله، فرجفت لقدومه الدّولة، حتّى لو كان نزل بهم مائة ألف من العدوّ، ما زاد من هيبته، فرجع من الكوفة، ولم يصل إليه.

قال يحيى بن أيّوب العابد: حدَّثني بعض أصحابنا قال: كتب مالك بن أنس إلى العُمريّ: إنّك بَدَوْت، فلو كنتَ عند مسجد رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فكتب إليه: إنّي أكره مجاورة مثلك، إنّ الله لم يرك متغيّر الوجه فيه ساعة قطّ.

وقيل: كانت أمّ العُمريّ أنصاريّة، لم يكن يقبل من أحد شيئًا، ومن وُلّي دمشقيًّا من معارفه وأقاربه لا يكلّمه، وقد وُلّي أخوه عَمْر بن عبد العزيز المدينة وكرْمان واليْمامة فهجره.

ولم يكن أحد بالمدينة أهْيب عند السلطان والعامة منه.

وكان زاهدًا، قوْالا بالحقّ، متألِّهًا، متعبدًا، منعزلا بناحيةٍ غربيّ المدينة.

ويروى أن العُمريّ كان يلزم المقبرة كثيرًا، ومعه كتاب ينظر فيه، وقال: ليس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015