عليها، فإنه إذا قرنت أقاويله بأقاويل ابن سينا، والغزّاليّ، وهما اللّذان فُتح عليهما بعد الفارابيّ بالمشرق في فَهْم تلك العلوم، ودوَّنا فيها، بان لك الرَّجَحَان في أقاويله، وحُسْن فَهْمه، لأقاويل أَرِسطو.

قلت: وكان ابن الإمام من تلاميذ ابن باجَة.

كان كاتبًا، أديبًا، وهو غرناطيٌ أدركه الموت بقوص.

ومن تلامذة ابن باجَة أبو الوليد بن رُشْد الحفيد.

تُوُفّي ابن باجَة بفاس، وقبره بقرب قبر القاضي أبي بكر بن العربيّ المَعَافِريّ.

ومات قبل الكهولة؛ وله مصنّفات كثيرة.

ومن شِعره:

ضربوا القِبابَ على أقاحة روضةٍ ... خَطَر النَّسيمُ بها ففاح عبيرا

وتركتُ قلبي سار بين حمولهم ... دامي الكلوم يسوق تلك العيرا

لا والّذي جعل الغصون مَعَاطِفًا ... لهمُ وصَاغ الأقْحُوَانَ ثغورا

ما مرّ بي رِيحُ الصّبا من بعدهم ... إلّا شهقت له، فعاد سعيرا

وقد ذكر أبا بكر بن باجَة أيضًا الْيَسع بن حزْم في تأليفه فقال فيه: هو الوزير، الفاضل، الأديب، العالِم بالفنون، المعظَّم في القلوب والعيون.

أرسَلَ قلمه في ميادين الخطابة فسبق، وحرك بعاصف ذهنه من العلوم ما لا يكاد يتحرّك.

إلى أنّ قال: ومن مِثل أبي بكر؟ جادَ به الزّمان على الخواطر والأذهان، كلامه في الهيئة والموسيقى كلام فاضل، تعقَب كلام الأوائل، وحلَّ عُقَد المسائل، وإني لأتحقّق من عقْله ما يشهد له بالتّقييد للشّريعة ولا شكّ إنّه في صباه عَشِق، وصَبَا، وسَبَح في أنهار المجّانة وحيًا، وشعر ولحن، وامتحن نفسه في الغناء فمُحِن، وأنطق جماد الأوتار، وركب من الخلاعة كلّ عار.

164- محمد بن خَلَف بن إبراهيم1.

أبو بكر بن المقري أبي القاسم بن النحاس القرطبي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015