الكتاني1، وكان شاعرًا طبيبًا، مات بعد الأربعمائة2.
قال الغزالي -رحمه اللَّه: قد وجدت في أسماء اللَّه كتابًا ألَّفه أبو محمد بن حزم الأندلُسيّ يدل على عِظم حِفظه وسَيَلان ذِهْنِه3.
وقال أبو القاسم صاعد بن أَحْمَد: كان ابن حزمٍ أجمع أهل الأندلُس قاطِبة لعلوم الْإِسلام، وأوسعهم معرفة مع توسُّعُه في علم اللِّسان، ووفور حظّه من البلاغة والشِّعر، والمعرفة بالسّير والَأخبار. أخبرني ابنه الفضل أنَّهُ اجتمع عنده بخط أبيه محمد من تأليفه نحو أربعمائة مُجَلَّد، تشتمل على قريبٍ من ثمانين ألف ورقة4.
وقال الحُمَيْدِيّ5: كان ابن حَزْم حافِظًا للحديث وفِقْهِهِ، مُسْتَنْبِطًا للَأحكام من الكِتاب والسُّنَّة، متفنِّنًا في علوم جمَّة، عاملًا بعلمه. وما رأينا مثله فيما اجتمع له مع الذّكاء، وسُرْعة الحِفْظ، وكَرَم النَّفس والتَّديُّن، وكان لهُ في الآداب والشِّعر نَفَس واسِع، وباعٌ طويل، وما رأيت من يقول الشِّعر على البديه أسرع منه. وشِعره كثير، جمعته على حروف المُعْجَم.
وقال أبو القاسم صاعد: كان أبوه أبو عمر من وزراء المنصور محمد بن أبي عامر، مدبِّر دولة المؤيّد باللَّه بن المُستنصِر، ثم وزر للمُظفّر بن المنصور، ووزر أبو محمد للمستظهر باللَّه عبد الرّحمن بن هشام، ثمّ نبذ هذه الطّريقة، وأقبل على العلوم الشَّرعيّة، وعُني بعلم المنطق، وبرع فيه، ثمّ أعرض عنه وأقبل على علوم الْإِسلام حتّى نال من ذلك ما لم ينله أحد بالَأندلس قبله6.
وقد حط أبو بكر بن العربيّ في كتاب "القواصم والعواصم" على الظّاهريّة فقال: هي أُمَّة سخيفة، تسوَّرَت على مرتبةٍ ليست لها، وتكلَّمَت بكلامٍ لم تفهمه، تلقَّفوه من أخوانهم الخوارج حين حكِّم عليٌّ يوم صفّين، فقال: لَا حُكم إِلَّا لِلَّه، وكانت أول بدعة لقيت في رحلتي القول بالباطن، فلمّا عُدت وَجَدتُ القَوُل بالظاهر قد ملَأ به