قَالَ العماد الكاتب [1] : كَانَتْ هَذِهِ البلاد يحميها متملّك الرّوم ويحفظها، فاستولى عليها مليح بْن لاون النَّصْرانيّ.
قَالَ: وذلك لأنّ السّلطان نور الدّين محمود بن زنكي كان يشدّ منه ويقوّي جأشه، وكان كما يُقَالُ: قد سلَّط الكَفَرَة على الفجرة [2] . فَلَمَّا تقوّى مليح بْن لاون وجّه صاحب الرّوم جيشا، فكسرهم ابن لاون، وأسر من مُقَدَّميهم [3] ثلاثين نفسا. وذلك في ربيع الآخر سنة ثمان وستّين وخمسمائة [4] . فبلغ ذلك نورَ الدّين، فأرسل خَلَعَ عليه، وكتب إِلَى الخليفة يعظّم أمره ويقول: إنّ مليح بْن لاون الأرمنيّ من جُملة غلمانه، وأنّه كسر الرّوم، ويمتّ على الدّيوان بهذا. ومن هَذَا الوقت تملّك هذا التكْفُور هَذِهِ البلاد نيابة عن نور الدّين لا غير، واستمرّ على ذلك.
وبلاد سيس هَذِهِ تُعرف بالدّروب، وتعرف بالعواصم، وبها كان الرّباط والمثاغرة، وكان أمرها مضافا إلى مملكة مصر [5] .