وغضبوا عَلَى ابن الشّيخ ورحلوا عَن دمشق، وراسلوا الصّالح إِسْمَاعِيل فِي أن يكون معهم، وانتقض الصُّلح، وعادت الخَوارزميّة تحاصر البلد وبه معين الدّين ابن الشَّيْخ. وجاءهم إِسْمَاعِيل من بَعْلَبَكّ بعد موت ابن الشَّيْخ وضيَّقوا عَلَى دمشق [1] . وقلّت بها الأقوات وأكلوا الْجِيَف، وبلغت الغرارة القمح ألفا [2] وستّمائة درهم [3] ، وأبيعت الأملاك والأمتعة بالهوان، وبلغ الخبز كلّ وقيتين [4] إلّا ربع بدِرهم، واللّحم رطل بتسعة [5] دراهم. وهلك النّاس وماتوا جوعا عَلَى الطُّرق، وأنتنت الدّنيا بهم، ووقع المرض والوباء المُفْرِط. وآل الأمر بأن عجزوا عَن دفْن أكثر النّاس، فكانوا يحفرون لهم حفائر ويرمون الموتى بها بلا غسل ولا كَفَن. هذا، والخمور دائرة، والفسق ظاهر، والمكوس بحالها [6] .
فلمّا علم الصّالح نجم الدّين بانقلاب الدَّسْت راسل الملك المنصور يفسده ويستميله فأجابه [7] .