وتصالحا على ذلك [1] .
وفيها أو قبلَها بيسير جرت واقعةٌ قبيحة، وهي أنّ الكُرْج- لَعَنَهم الله تعالى- لم يبق فيهم من بيت المُلك أحدٌ سوى امرأةٍ، فملَّكوها عليهم.
قال ابن الأثير [2] : طلبوا لها رجلا يتزوَّجُها، وينوبُ عنها في المُلْك، ويكون من بيت مملكة. وكان صاحب أرزن الرّوم مغيثُ الدِّين طُغريل شاه ابن قَلِيج أَرْسَلَان بْن مَسْعُود بْن قَلِيج أرسلان، وهو من الملوك السّلجوقية، وله ولد كبير، فأرسل إلى الكُرْج يَخْطُبُ الملكةَ لولده، فامتنعوا، وقالوا: لا يملكنا مُسْلمٌ، فقال لهم: إنَّ ابني يتنصَّرَ ويتزوّجها، فأجابوه، فتنصَّر، وتزوَّج بها، وأقام عندها حاكما في بلادهم، نعوذُ باللَّه من الخذلان. وكانت تهوى مملوكا لها، وكان هذا الزّوجُ يسمع عنها القبائحَ، ولا يُمكنه الكلام لعجزه، فدخل يوما، فرآها مع المملوكِ، فأنكر ذلك، فَقالَتْ: إنْ رضيتَ بهذا، وإلّا أنتَ أخبرُ، ثمّ نقلته إلى بلد، ووكَّلَتْ به، وحَجَرتْ عليه. وأحضرت رجلين وُصِفَا لها بِحُسْنِ الصورة فتزوّجت أحدهما، وبقي معها يسيرا، ثمّ فارقتْه، وأحضرت آخر من كَنْجَة [3] وهو مُسْلم، فطلبت منه أن يتنصَّر ليتزوّجها، فلم يفعل، فأرادت أنْ تَتَزَوّجَهُ، فقام عليها الأمراءُ ومعهم إيواني مقدَّمهم، فقالوا لها:
فضَحْتِنا بينَ الملوك بما تفعلين. قال: والأمرُ بينهم متردّد، والرجل الكنجيّ عندهم، وهي تهواه [4] .