ثُمَّ في أواخر العام أغارت فرنج طرابلس عَلَى جَبلَة واللاذقية، وكان عليها عسكر الحلبيين، فهزمتهم الفرنج، وَقُتِلَ من المسلمين خَلْقٌ، وحصَل الوهْن في الإِسلام، وطمعت الملاعين في البلاد، فأهَمَّ العادلَ أمرُهم، ثُمَّ خرج من مصر في سنة ثلاث وستمائة، وأسرع حتى نازلَ عَكّا، فصالحهُ أهلُها عَلَى إطلاق جميع ما في أيديهم من أسرى المسلمين، فقبل الأسرى وتَرَحَّل عنهم، ثُمَّ قَدِمَ دمشق وتهيّأ للغزاة، وعَلِمَ أنَّ الفرنج عدوٌ مَلْعون، وسارَ حتى نَزلَ عَلَى بُحيرة قَدَس [1] ، واستدعى العساكر والملوك فأقبلوا إِلَيْهِ، وأشاع قَصْد طرابلس، ثُمَّ سار فنازل حِصْن الأكراد، وافتتح منه برجا، وأسر منه خمسمائة، ثُمَّ توجّه إِلى قلعةٍ قريبة من طرابلس وحاصرها فافتتحها، ثُمَّ سار إِلى مدينة طرابلس فنازلها، ونصب عليها المجانيق، وقطع جميع أشجارها، وخرّب أعمالها، وقطعوا عنها العَيْن، وبقي أياما إِلى أن أيِسَ [2] من جُنده فشلا ومللا، فعادَ إِلى حمص، فبعث إِلَيْهِ صاحب طرابلس يخضع لَهُ، وبعث له هدايا وثلاثمائة أسير، والْتمس الصُّلْح فصالحه، وذلَّت لَهُ الفرنج وللَّه الحمد [3] .
وفيها حَجَّ من الشام صارمُ الدِّين بُزغش العادليّ، وزين الدين قراجا صاحب صرخد [4] .