وافتتح فِيهَا صلاح الدّين حرّان، وسَرُوج، وسِنْجار، ونصيبين، والرّقّة، والبيرة، ونازلَ المَوْصِل وحاصرها، فبهره ما رَأَى من حصانتها، فرحل عَنْهَا، وقصده شاه أرمن [1] بعساكر جمّة، واجتمع فِي ماردين بصاحبها، وفتح آمِد [2] .
ثمّ رجع إلى حلب فملكها، وعوّض صاحبها سنجار [3] .
وَفِيهَا تفتّى النّاصر لدين اللَّه إلى الشَّيْخ عَبْد الجبّار، ولُقَّب بشرف الفُتُوة عَبْد الجبّار، وخلع عَلَيْهِ. وكان النّقيب لهم أبو المكارم أحمد بن محمد بن داذي النّيليّ. وفتّى النّاصر لدين اللَّه فِي ذلك الوقت ولد رفيقه عليّ بْن عَبْد الجبّار، وخلع عَلَيْهِ وعلى النّقيب.
وكان عَبْد الجبّار هذا فِي بدء أمره شجاعا مشهورا، تهابه الفتيان، وتخافه الرجال، ثمّ ترك ذلك ولزِم العبادة، وبنى [4] لنفسه موضعا، فأمر الخليفة بإحضاره حين تضوّع عبير أخباره، وتفتّى إليه، وجعل المعوّل في شرعها عليه [5] .