جاءت الأخبار بما جرى عَلَى رَكْب العراق. طمع فيهم أمير مكَّة، واستهون بقَيْماز، وطمعت فيهم العرب، ووقفوا يطلبون رسومهم، فأشار بذلك قَيْماز، فامتنع النّاس عَلَيْهِ، ولمّا وصلوا إلى الغرابيّ خرجت عليهم العرب، فأخذوا ما لا يُحصى، حتّى أنّه أُخِذ من خاتون أخت السّلطان مسعود ما قيمته مائة ألف دينار. وذهب للتّجار أموال كثيرة. واستَعْنَتَ العربُ، وتمزَّق النّاس، وهربوا مُشاةً في البرّيَّة، فمات خلْقٌ جوعا وَعَطَشًا وَبَرْدًا، وطلى بعض النّساء أجسادهنّ بالطِّين ستْرًا للعورة. وتوصّل قَيْماز في نفرٍ قليل [1] .
وفيها كَانَ الصُّلْح. فإنّ نور الدّين نازل دمشق وضايقها، ثمّ اتقى اللَّه في دماء الخلْق، وخرج إِلَيْهِ مُجير الدّين أَبق صاحب البلد، ووزيره الرئيس ابن الصّوفيّ، وخلع عليهما، ورحل إلى حلب والقلوب معه لِما رَأَوْا من دينه [2] .