جمع الجيوش، وسار إلى الشّام، ونزل بمرج دابق. فاجتمعت معه عساكر الشام، تُرْكُها وعَرَبُها، سوى جُنْد حلب. فاجتمع معه دقاق وطغتكين أتابك، وجناح الدّولة صاحب حمص، وأرسلان صاحب سُنْجار، وسليمان بْن أُرْتُق وغيرهم، فعظمت المصيبة عَلَى الإفرنج، وكانوا في وهْن وقَحْط [1] وسارت الجيوش فنازلتهم. ولكن أساء السّيرةَ كبربوقا [2] في المسلمين، وأغضب الأمراء وتحامق، فأضمروا لَهُ الشّرّ. وأقامت الإفرنج في أنطاكيّة بعد أنّ ملكوها ثلاثة [3] عشر يومًا، وليس لهم ما يأكلونه، وأكل ضعفاؤهم [4] الميتة [5] وورق الشجر، فبذلوا البلد بشرط الأمان، فلم يعطهم كبربوقا [6] .
وكان بردويل [7] ، وصنجيل، وكندفري، والقمّص صاحب الرُّها وبَيْمُنْت [8] صاحب أنطاكيّة، ومعهم راهب يراجعون إلَيْهِ، فقال: إنّ المسيح كانت لَهُ حَرْبَةٌ مدفونة بأنطاكية، فإن وجدتموها نُصِرْتُم. ودفن حرْبةً في مكانٍ عفّاه، وأمرهم بالصَّوم والتّوبة ثلاثة أيّام، ثمّ أدخلهم في مكانٍ، وأمر بحفْره، فإذا بالحربة، فبشّرهم بالظّفر [9] .