وخرجوا للقاء، وعملوا مصافًا، فولّى بعض العساكر حرب كبربوقا، لِما في قلبهم منه. وما كَانَ ذا وقت ذا، فاشتغل بعضهم ببعض، ومالت عليهم الإفرنج، فهزمتهم، وهربوا من غير أن يقاتلوا، فظنت الإفرنج أنّها مكيدة، إذ لم يجر قتال يوجب الهزيمة. وثبت جماعة من المجاهدين، وقاتلوا خشية، فحطمتهم الإفرنج، واستشهد يومئذ ألوف، وغنمت الإفرنج من المسلمين معظم ثقلهم، ودوختهم [1] .
ثمّ ساروا إلى المَعَرّة، فحاصروها أيامًا، ثمّ دخل المسلمين فشلٌ وهلعٌ، وظنوا أنهم إذا تحصنوا بالدُّور الكبار امتنعوا بها، فنزلوا من السور إلى الدور، فرآهم طائفة أخرى، ففعلوا كفعلهم، فخلا مكانهم من السُّور، فصعدت الإفرنج عَلَى السّلالم، ووضعوا فيهم السيف ثلاثة أيّام، وقتلوا ما يزيد عَلَى مائة ألف، وملكوا جميع ما فيها [2] .