ثمّ إنّ الإفرنج راسلوا الزّرّاد أحد المقدَّمين، وكان متسلّمًا برجًا من الوادي، فبذلوا لَهُ مالًا، فعامد عَلَى المسلمين يطلعوا إلى أنّ تكاملوا خمسمائة، فضربوا البوق وقت السَّحَر، ففتح ياغي سيان [1] الباب، وهرب في ثلاثين فارسًا، ثمّ هرب نائبه [2] في جماعة [3] .
واستُبيحت أنطاكية، فإنا للَّه وإنا إِلَيْهِ راجعون. وذلك في جُمَادَى الأولى من سنة إحدى وتسعين. وأسقط في يد يغيسيان [4] صاحبها، وأكل يديه ندمًا حيث لم يعد ويقاتل عَنْ حُرَمه حتّى يقتل. فلشدة ما لحقه سقط مغشيا عَلَيْهِ، وأراد أصحابه أنّ يُرْكِبُوه، فلم يكن فيه حَيْلٌ يتماسك بِهِ، بل قد خارت قوّته، فتركوه ونجوا. فاجتاز بِهِ أَرمنيّ حطّاب، فرآه بآخر رَمَق، فقطع رأسه، وحمله إلى الإفرنج [5] .
وقال صاحب «المرآة» : وكثر النّفير عَلَى الإفرنج، وبعث السّلطان بَرْكِيارُوق إلى العساكر يأمرهم بالمسير إلى عميد الدّولة للجهاد.
وتجهّز سيف الدّولة، فمنعه ابن مُزْيَد. فجاءت الأخبار إلى بغداد بأنّ