المقدس، تخلّصونه من أيديهم، ويكون لكم الفخر. وأمّا إفريقيّة فبيني وبين صاحبها عُهُود وأَيْمان.
فتركوه وقصدوا الشّام [1] .
وقيل: إنّ صاحب مصر لمّا رأى قوّة [2] السَّلْجُوقيّة واستيلائهم عَلَى الشام ودخول أَتْسِز إلى القاهرة وحصارها، كاتب الإفرنج يدعوهم إلى المجيء إلى الشّام ليملكوه [3] .
وقيل: إنّهم عبروا خليج القسطنطينيّة وقدموا بلاد قليج [4] أرسلان بْن سلمان بْن قُتُلْمش السَّلْجوقيّ، فالتقاهم، فهزموه في رجب سنة تسعين. واجتازوا ببلاد ليون الأرمني فَسَلكوها. وخرجوا إلى أنطاكية فحاصروها [5] ، فخاف ياغي سِيان [6] من النَّصارى الذين هُمْ رعيته، فأخرج المسلمين خاصّة لعمل الخندق أيضًا، فعملوا فيه إلى العصر، ومنعهم من الدخول، وأغلق الأبواب، وأَمِن غائلة النّصارى [7] .
وحاصرته الإفرنج تسعة أشهر، وهلك أكثر الإفرنج قتلًا وموتًا بالوباء وظهر من شجاعة ياغي سيان وحزْمه ورأيه ما لم يُشاهد من غيره، وحفظ بيوت رعيّته النّصارى بما فيها [8] .