في هذه السنة قَالَ ابن جرير الطبري: فقتل الله من الفرس مائة ألف، جَلَّلَت القتلى المجال وما بين يديه وما خلفه، فسُمِّيت جَلُولاء. وَقَالَ غيره: كانت في سنة سبع عشرة. وعن أبي وائل قَالَ: سمِّيت جلُولاء لِمَا تجلّلها من الشّرّ. وَقَالَ سيف: كانت سنة سبع عشرة.
وَقَالَ خليفة بْن خيّاط: هربَ يزّدَجِرْد بْن كِسْرى من المدائن إلى حُلْوان، فكتب إلى الجبال، وجمع العساكر ووجههم إلى جَلُولاء، فاجتمع له جَمْعٌ عظيم، عليهم خرزاد بن جرمهر، فكتب سعد إلى عُمَر يخبره، فكتب إليه: أَقِمْ مكانَك ووجِّه إليهم جيشًا، فإنّ الله ناصِرُك ومُتَمِّمٌ وعدّه. فعقد لابن أخيه هاشم بْن عُتْبة بْن أبي وقاص، فالتقوا، فجال المسلمون جولةً، ثُمَّ هزم الله المشركين، وقُتِل منهم مقتلةٌ عظيمةٌ، وحوى المسلمون عسكرهم وأصابوا أموالًا عظيمةً وسبايا، فبلغت الغنائم ثمانية عشر ألف ألف. وجاء عَنِ الشَّعْبِيّ أن فَيْء جَلُولاء قُسِّم على ثلاثين ألف ألف. وَقَالَ أَبُو وائل: سُمِّيت جَلُولاء " فتح الفتوح ". -[95]-
وَقَالَ ابن جرير: أقام هاشم بْن عُتْبة بجَلُولاء، وخرج القعقاع بْن عمرو في آثار القوم إلى خانقين، فقتل من أدرك منهم، وقُتِل مهران، وأفلت الفَيْرُزان، فلّما بلغ ذلك يَزْدَجرْدَ تقهقر إلى الرّيّ.
وفيها جهز سعد جُنْدًا فافتتحوا تِكْريت واقتسموها، وخمَّسوا الغنائم، فأصاب الفارس منها ثلاثةُ آلاف دِرْهم.
وفيها سار عمر رضي الله عنه إلى الشام وافتتح البيت المقدس، وقدم إلى الجابية - وهي قَصَبة حَوْران - فخطب بها خطبةً مشهورةً متواتِرة عنه. قَالَ زهير بن محمد المروزي: حدّثني عبد الله بْن مسلم بْن هُرْمُز أنّه سمع أبا الغادية المُزَني قَالَ: قدِم علينا عمر الجابية، وهو على جملٍ أوْرَقَ، تَلُوحُ صَلْعَتُهُ للشمس، ليس عليه عمامة ولا قَلَنْسُوَة، بين عودين، وطاؤه فَرْوُ كَبْشٍ نَجْدِيّ، وهو فراشه إذا نزل، وحقيبته شَمْلَة أو نَمِرَةٌ مَحْشُوَّةٌ لِيفًا وهي وسادَتُهُ، عليه قميص قد انخرق بعضه ودسم جَيْبُه. رواه أَبُو إسماعيل المؤدب عَنِ ابن هرمز، فَقَالَ: عَنْ أبي العالية الشامي.