ثمّ قَالَ بُجير لكعب:

مَنْ مُبْلِغٌ كَعْبًا فَهلْ لَكَ فِي التّي ... تَلُومُ عَلَيْها بَاطِلًا وهي أحزم

إلى الله لا العُزَّى ولا اللات وَحْده ... فَتَنْجُو إذَا كَانَ النجاء وتسلم

لدى يوم لا تنجو وَلَسْتَ بمُفْلِتٍ ... مِنَ النّاسِ إلّا طَاهِرُ الْقَلْبِ مُسْلِم

فَديِن زُهَيْر وَهْوَ لَا شَيْءَ دِينُه ... وَدِينُ أَبي سُلْمَى عَليَّ مُحَرَّم

فلمّا بلغ كَعْبًا الكتابُ ضاقت عَلَيْهِ الأرض بما رَحُبت، وأشفق عَلَى نفسه، وأَرْجَف بِهِ من كَانَ فِي حاضِره من عَدوّه فقالوا: هُوَ مَقْتُولٌ. فلمّا لم يجد من شيءٍ بُدًّا قَالَ قصيدته، وقدم المَدِينَةِ.

وقال إِبْرَاهِيم بْن دِيزِيلَ، وغيره: حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، قال: حدثنا الحجّاج بْن ذي الرُقَيْبَة بْن عَبْد الرَّحْمَن بْن كَعْب بْن زُهَيْر بْن أَبِي سُلْمى المُزَنيّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جدّه قَالَ: خرج كعب وبجير أخوه ابنا زُهَيْر حتّى أَتَيَا أَبْرَق الْعَزَّافِ، فقال بُجَير لكعب: اثبت هنا حتّى أتي هذا الرجل فأسمع ما يَقُولُ. قَالَ: فَجَاءَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعرض عَلَيْهِ الْإِسْلَام فأسلم، فبلغ ذَلِكَ كعبًا فقال:

ألا أبلغا عني بجيرا رسالة ... فهل لك فيما قلت ويحك هل لكا

سقاك بها المأمون كأسا روية ... وأنهلك المأمور منها وعَلَّكا

ويُروَى: سقاك أَبُو بَكْر بكأس رَويةٍ.

فَفَارَقْتَ أَسْبَابَ الْهُدَى وَتَبِعْتَهُ ... عَلَى أيِّ شَيْءٍ وَيْبَ غَيْركَ دلَّكا

عَلَى مَذْهَبٍ لم تلفِ أمًّا ولا أبًا ... عَلَيْهِ ولم تعرفْ عَلَيْهِ أخًا لكا

فاتّصل الشِعْر بالنّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأهْدَر دمه. فكتب بُجَير إِلَيْهِ بذلك، ويقول لَهُ: النَّجاءَ، وما أراك تنفلت. ثمّ كتب إِلَيْهِ: اعَلْم أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يأتيه أحد يشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول اللَّهِ إلّا قَبِلَ ذَلِكَ منه، وأسقط ما كَانَ قبل ذَلِكَ. فأسلم كَعْب، وقال قصيدته التي يمدح فيها رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم أقبل حتّى أناخ راحلته بباب مَسْجِدَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثمّ دخل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015