فِي أوّلها طُلب القاضي حسام الدّين الحنفيّ والتقي البيّع الوزير وشمس الدين ابن غانم وجمال الدين ابن صصرى والنصير ابن سُوَيد، فراحوا إلى مصر على البريد، فأخذ الشجاعيّ يتهدّدهم ويضرب بحضرتهم ليُرعبهم، ثمّ يَقُولُ: ارحموا نفوسكم واحملوا. فيقولون: ما لنا من يُقرضنا هنا. فقِّرر علينا ما ترسم بِهِ. فلم يقبل وأحضر لهم تجارًا كالمجد معالي الجزري والشهاب ابن كويك، والنجم ابن الدّمامينيّ، وأمرهم بأن يحملوا عن المصادَرين، ويكتبوا عليهم وثائق، فأخذ من عزّ الدّين ابن القلانسيّ مائة وخمسين ألفًا، ومن ابن صَصْرَى أملاكاً ودراهم تكملة ثلاثمائة ألف درهم، ومن التّقيّ توبة نحو ذَلِكَ، ومن ابن سُوَيد ثلاثين ألفًا، ومن ابن غانم خمسة آلاف درهم، ومن حسام الدّين بحسب البِرْكة ثلاثة آلاف درهم، ومن ابن يُمْن أملاكاً بمائةٍ وسبعين ألف درهم، فتعامل هَؤُلَاءِ والمصريّون عَلَى نكاية الشُّجاعيّ، وكان يؤذي الجمال ابن الجوجري الكاتب، فحضر إلى عند طرنطية، فقال لَهُ سِرًّا: تقدر ترافع الشُّجاعيّ؟ قَالَ: نعم. فدخل بِهِ إلى السّلطان، فعرفه السّلطان، وسأله عن حاله فقال: لم أزل فِي دولة مولانا السّلطان بطّالًا ومُصادرًا. فرق لَهُ وذَمّ الشُّجاعيّ لكونه لم يستخدمه، فتكلّم ورافع الشُّجاعي، فأصغى إلَيْهِ، وطلب الشّجاعيَّ فَعَصَره بين يديه، فحمل إلى الخزانة فِي يومٍ واحد سبعة وعشرين ألف دينار، ثمّ باع من بَرْكه وخَيله وكمّل خمسين ألفً -[424]-
دينار، وعزله وولّى الوزارة بدر الدّين بَيْدرة , وقدم الدّمشقيّون وأرضوهم بأن ولّوا نظرَ الدّيوان جمال الدين ابن صصرى وأعطوا الحسبة لشرف الدين أحمد ابن الشَّيْرجيّ وقدِم بعدهم ابن المقدسيّ بالوكالة ونظر الأوقاف.
وفي رمضان أُمسك النصراني كاتب كجكن مَعَ مُسْلمة يشربان بالنّهار، فبذل فِي نفسه جملةً، ودافع عَنْهُ مخدومه، فلم ينفع وأُحرِق بسُوق الخيل، وقُطع من أنف المرأة، وحصل فيها شفاعات لملاحتها.
وفيها فِي ربيع الآخر صلّى بالنّاس الجمعة بجامع دمشق خطيبه جمال الدّين ابن عَبْد الكافي، فأحدث في الركعة الأولى، فاستخلف نجم الدّين مؤذّن النجيبيّ، فتمّم الصّلاة وصلّى الناس الجمعة خلف إمامين.
وفي رمضان درّس بالقَيْمُرِيّة القاضي علاءُ الدّين ابن بِنْت الأعزّ، بحُكْم انتقال مدرسّها ابن جماعة إلى خطابة القدس.
وفيها وُلي شَرَفُ الدّين ابن الشَّيْرجيّ حسَّبة دمشق بعد جمال الدين ابن صَصْرَى، ثمّ عُزِل بعد أشهر بابن السَّلْعُوس الذي توزَّر.
وفيها أُخِذت عَلَى جسر باب الفراديس دكاكين وأُكْريَت سوقًا، ثمّ بعد مُدَيدة عُمل عَلَى جسر باب السّلامة كذلك، ثمّ بعد خمسين سنة عمل سوقٌ على جسر باب الفرج، وفي داخل الباب.
وفيها قدِم جمال الدّين الزَّواوي قاضيًا للمالكيّة.