-سنة ست وخمسين وستمائة

دخَلَتْ والملك النّاصر والبحرية، والملك المغيث متفقون على قصْد الديار المصرية وطمعوا فيها لأن سلطانها صبيّ، فنزل الملك المغيث على غزة فخرج الأمير سيف الدّين قطز بعسكر مصر، ونزل بالعباسة لقتال الشّاميين، ثم -[671]-

سار المغيث بالعساكر الشّامية، فضرب مع المصريين رأسًا بالرمل، فانكسر وأُسر طائفة من أمرائه، وهم أيْبَك الرومي، وأيْبَك الحمويّ، وركن الدين الصَّيرفيّ، وابن أطلس خان الخُوَارَزْميّ، فضُربت أعناقهم صبرًا بين يدي قُطُز، ودخلوا بالرّؤوس إلى القاهرة، وهرب المغيث وأتابكه الصّوابيّ والبُنْدُقْداري فِي أسوأ حالٍ وأنحسه إلى الكَرَك.

كائنة بغداد

كان هولاكو قد قصد الألَموت، وهو مَعْقل الباطنية الأعظم وبها المقدَّم علاء الدين محمد ابن جلال الدّين حسن المنتسب إلى نِزار ابن المستنصر ابن الظّاهر ابن الحاكم العُبَيْدي الباطني، فتُوفّي علاءُ الدين وقام بعده ابنُه شمسُ الشُّموس، فنزل إلى هولاكو بإشارة النصير الطُّوسي عليه، وكان النصير عنده وعند أبيه من قبله، فقتل هولاكو شمس الشُّموس وأخذ بلاده وأخذ الروم، وأبقى بها ركن الدّين ابن غياث الدين كيْخُسْرو صورةً بلا معنى، والحُكْم والتصرف لغيره.

وكان وزير العراق مؤيد الدين ابن العَلْقمي رافضيًا جَلْدًا خبيثًا داهية، والفتن فِي استعارٍ بين السُّنَّة والرافضة حتى تجالدوا بالسيوف، وقُتل جماعة من الرافضة ونُهِبوا، وشكا أهل باب البصرة إلى الأمير ركن الدين الدُّوَيْدار والأمير أبي بكر ابن الخليفة فتقدّما إلى الجند بنهْب الكرْخ، فهجموه ونهبوا وقتلوا، وارتكبوا من الشّنعة العظائم، فحنق الوزير ونوى الشّرّ، وأمر أهل الكرْخ بالصبْر والكف.

وكان المستنصر بالله قد استكثر من الجُنْد حتى بلغ عدد عسكره مائة ألف فيما بَلَغَنَا، وكان مع ذلك يصانع التّتار ويُهاديهم ويُرْضيهم. فلما استخلف المستعصم كان خليًا من الرأي والتدبير، فأُشير عليه بقطع أكثر الْجُنْد، وأن مصانعة التّتار وإكرامهم يحصل بها المقصود، ففعل ذلك.

وأما ابن العلْقمي فكاتَبَ التتار وأطمعهم فِي البلاد، وأرسل إليهم غلامه وأخاه، وسهل عليهم فتْحَ العراق، وطلب أن يكون نائبَهم، فوعدوه بذلك وتأهبوا لقصد بغداد، وكاتبوا صاحب المَوْصِل لؤلؤ فِي تهيئة الإقامات والسلاح، فأخذ يكاتب الخليفة سرًا ويهيِّئ لهم الآلات والإقامات، فكان -[672]-

الوزير هُوَ الكل، وكان لا يوصل مكاتبات صاحب الموصل ولا غيره إلى الخليفة، وإنْ وصلت سرًّا إلى الخليفة أَطْلع عليها ابنَ العلْقميّ وردّ الأمر إليه.

وكان تاج الدين ابن صَلايا نائب إرْبل يحذر الخليفة ويحرك عزْمه، والخليفة لا يتحرَّك ولا يستيقظ، فلما تحقق حركة التّتار نحوه سيَّر إليهم شرفَ الدّين ابن محيي الدّين ابن الْجَوْزي رسولًا يعِدُهم بأموالٍ عظيمة، ثم سيَّر مائة رَجُل إلى الدّرْبَنْد يكونون فِيهِ ويطالعون بالأخبار، فمضوا فلم يطلع لهم خبرٌ لأن الأكراد الذين كانوا هناك دلوا التّتار عليهم فقتلوهم أجمعين فيما قيل.

وركب هولاكو إلى العراق، وكان على تقدمته باجُو نُوِين وفي جيشه خلْق من الكرْج ومن عسكر بركة ابن عم هولاكو، ومدد من صاحب الموصل مع ولده الملك الصالح رُكن الدين إِسْمَاعِيل، وأقبلوا من جهة البر الغربي عن دجلة، فخرج عسكر بغداد وعليهم رُكن الدّين الدويدار، فالتقوا يوم تاسوعاء على نحو مرحلتين من بغداد، فانكسر البغداديون بعد أن قتلوا عددًا كثيرًا من العدو، وأخذتهم السيوف وغرق بعضهم فِي الماء، وهرب الباقون.

ثمّ ساق بايجو نُويْن فنزل القرية مقابل دار الخلافة وبينه وبينها دجلة، وقصد هولاكو بغداد من جهة البر الشرقي، ثم إنه ضرب سورًا على عسكره وأحاط ببغداد، فأشار الوزير على المستعصم بالله بمصانعتهم وقال: أخرج أليهم أَنَا فِي تقرير الصُّلح. فخرج وتوثّق لنفسه من التّتر ورد إلى الخليفة وقال: إن الملك قد رغب فِي أن يزوج بنته بابنك الأمير أَبِي بَكْر ويُبقيك فِي منصب الخلافة كما أبقى صاحبَ الروم فِي سلطنته، ولا يؤثر إلا أن تكون الطاعة له كما كان أجدادك مع السّلاطين السَّلْجوقيّة، وينصرف عنك بجيوشه فيجيبه مولانا إلى هذا فإنّ فيه حقْنَ دماء المسلمين، ويمكن بعد ذلك أن تفعل ما تريد. والرأي أن تخرج إليه، فخرج في جمع من الأعيان إلى هولاكو فأُنزل فِي خيمة. ثم دخل الوزير فاستدعى الفقهاء والأماثل، ليحضروا العقد يعني. فخرجوا من بغداد فضُربتْ أعناقهم، وصار كذلك يخرج طائفةٌ بعد طائفة فتُضْرب أعناقهم. ثمّ مدّ الجسر وبكّر بايجو ومَن معه فبذلوا السيف فِي بغداد، -[673]-

واستمرّ القتل والسَّبْي في بغداد بضعة وثلاثين يومًا، فلم يَنْج إلا من اختفى، فبلَغَنَا أنْ هولاكو أمر بعد ذلك بعد القَتْلى فبلغوا ألف ألف وثمانمائة ألف وكسْر، والأصح أنّهم بلغوا ثمانمائة ألف، ثمّ نودي بعد ذلك بالأمان، فظهر من كان قد تخبأ وهم قليل من كثير.

فممن هلك فِي وقعة بغداد الخليفة، وابناه أَحْمَد وأبو بَكْر، وابن الجوزي وأولاده الثلاثة، والرُّكْن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن سُكَيْنة كهْلًا، وكبير الشافعية شهاب الدين محمود بن أَحْمَد الزِّنْجانيّ، والقُدْوة الشَّيْخ علي الخباز، والأديب نحوي النظامية جمال الدين عَبْد الله بن خنفر، وشيخ الخليفة صدر الدين علي بن النيار، وقريبه عَبْد الله بن عُبَيْد الله، والعدل عبيد الله بن عسكر البَعْقُوبيّ، والشَّرَف مُحَمَّد بن سُكينة أخو الركْن، والعدل عبد الوهّاب ابن الصدر عَبْد الرحيم بن عَبْد الوهاب بن سُكينة واخوه عَبْد الرَّحْمَن، ويحيى بن سعد اليزديّ العدل، ووالد الرشيد بن أَبِي القاسم، وعَبْد القاهر بن محمد ابن الفُوطي كاتب ديوان العرض.

وفيها مات: علي بن الأخضر، والشاعر علي الرُّصافيّ، وحسين بن داود الواسطيّ المحدّث، وعمر بن دهجان المحدّث قتْلًا، وأحمد بن مسعود البَعْليّ الحنبليّ، والعدل عبد الله بن ياسر البَعْلي، ووالد الشَّيْخ علي البَنْدنِيجيّ العدل، ومحمد ابن الهيتيّ، والعدل علي بن أَبِي البدر.

وأما الوزير ابن العلقَمِي فلم يتم له ما أراد، وما اعتقد أن التتر يبذلون السيف مطلقًا، فإنه راح تحت السيف الرافضة والسُّنَّة وأُمم لا يُحصوْن، وذاق الهوان والذُّل من التّتار، ولم تطُلْ أيامه بعد ذلك. ثم ضرب هولاكو عنق بايجُو نُويْن لأنه بَلَغه عَنْهُ أنه كاتبَ الخليفة وهو فِي الجانب الغربي.

وأمَّا الخليفة فقُتل خَنْقًا، وقيل: غُمَّ فِي بساط، وقيل: رفسوه حتى مات. وقتل الأمير مجاهد الدين الدُّوَيْدار، والشَّرابيّ، والأستاذ الدار محيي الدّين ابن الْجَوّزِي وولداه، وسائر الأمراء والحُجّاب والكبار. وقالت الشُّعراء قصائد فِي مراثي بغداد وأهلها وتمثل بقول سِبْط التعاويذي:

بادت وأهلوها معًا فبيوتُهُمْ ... ببقاء مولانا الوزير خراب

وكانت كسْرةُ عسكر الخليفة يوم عاشوراء، ونزل هولاكو بظاهر بغداد في -[674]-

الرابع عشر من المحرَّم، وبقي السيف يعمل فيها أربعة وثلاثين يومًا.

وبَلَغَنَا أنْ آخر جُمعة خطب فيها الخطيب ببغداد كانت الخطبة: " الحمد لله الَّذِي هدم بالموت مُشيّد الأعمار، وحكم بالفناء على أهل هذه الدار ". وكان السيف يعمل فِي الجمعة الأخرى، فإنَّا لله وإنا إليه راجعون. اللهُم آجِرنا فِي مُصيبتنا التي لم يُصب الإسلامُ وأهلُه بمثلها.

ولتقي الدين إِسْمَاعِيل بن أَبِي اليُسر قصيدة مشهورة فِي بغداد وهي:

لسائل الدَّمع عن بغداد أخبارُ ... فما وقوفُك والأحباب قد ساروا

يا زائرين إلى الزَّوراء لا تفدوا ... فما بذاك الحمى والدار ديّارُ

تاجُ الخلافة والربع الَّذِي شرُفَتْ ... به المعالم قد عفّاه إقفارُ

أضحى لعطف البِلَى فِي ربْعه أثر ... وللدُّموع على الآثار آثارُ

يا نار قلبي من نارٍ لحربِ وَغى ... شبَّت عليه ووافى الرَّبْع إعصارُ

علا الصّليبُ على أعلى منابرها ... وقام بالأمر من يحويه زنّارُ

وكم حريم سَبَتْه التُّرْكُ غاصبةٌ ... وكان من دون ذاك الستْر أستارُ

وكم بُدُور على البدرية انخسفت ... ولم يعد لبُدور منه إبدارُ

وكم ذخائر أضحَت وهي شائعةٌ ... من النُّهاب وقد حازته كفَّارُ

وكم حدود أقيمت من سيوفهم ... على الرقاب وحُطّت فِيهِ أوزارُ

ناديت والسَّبيُ مهتوكٌ تجرّهم ... إلى السِّفاح من الأعداء ذعّارُ

وهم يساقون للموت الَّذِي شهدوا ... النار يا رب من هذا ولا العارُ

والله يعلم أن القوم أغفلهم ... ما كان من نِعم فيهن إكثارُ

فأهملوا جانب الجبار إذ غفلوا ... فجاءهم من جنود الكُفْر جبّارُ

يا للرجال بأحداث تحدّثنا ... بما غدا فيه إعذار وإنذارُ

من بعد أسْرِ بني الْعَبَّاس كلّهم ... فلا أنار لوجه الصُّبح إسفارُ

ما راق لي قطُّ شيءٌ بعد بَيْنهم ... إلا أحاديث أرْويها وآثارُ

لم يبق للدّين والدّنيا وقد ذهبوا ... سوقٌ لمجدٍ وقد بانوا وقد باروا

إن القيامة في بغدادَ قد وُجِدتْ ... وحدها حين للإقبال إدبار

آل النّبيّ وأهل العلم قد سُبيوا ... فمن ترى بعدهم تحويه أمصارُ

ما كنتُ آمُلُ أن أبقى وقد ذهبوا ... لكن أتى دون ما اختار أقدارُ -[675]-

فِي أبيات أخَر، وجمْلتها ستةٌ وستون بيتًا.

قال ابن الكازروني وغيره: ما زالوا فِي قتلٍ وسبْي وتعذيب عظيم لاستخراج الأموال مدة أربعين يومًا، فقتلوا النساء والرجال والأطفال أهل البلد وأهل سائر القرى ما عدا النصارى، عُيّن لهم شحاني حرسُوهُمْ، وانضم إليهم خلقٌ مسلمون سلِموا. وكان ببغداد عدةٌ من التُّجار سلِموا بفرمانات والتجأ إليهم خلق، وسلم مَن بدار ابن العَلْقَمي، ودار ابن الدّامَغَانيّ صاحب الديوان ودار ابن الدّواميّ الحاجب، وما عدا ذلك ما سلِم إلا من اختفى فِي بئرٍِ أو قناة، وأحرق مُعظم البلد، وكانت القتلى فِي الطُّرق كالتُّلول. ومن سلِم وظهر خرجوا كالموتى من القبور خوفًا وجوعًا وبردًا، وسلِم أهل الحلّة والكوفة، أمنهم القان، وبعث إليهم شحاني، وسلمت البصرة وبعضُ واسط، ووقع الوباء فيمن تخلف.

وفيها كانت وقعة الملك المغيث مع المصريين فانكسر كما ذكرنا، وهرب هُوَ وبدر الدين الصوابي والبُنْدقْداريّ الَّذِي تسلطن، فوصلوا إلى أسوأ حال.

وأما مصر فزيَّنت فِي ربيع الآخر للنّصر، وعاثت البحرية بعد الكسرة وأفسدوا، فجهز لحربهم الملك الناصر مجير الدّين ابن أَبِي زكري، ونور الدين علي بن الأكتع فالتقوا على غزة، فانتصرت البحرية وأسروا الأميرين وحملوهما إلى الكَرَك، وقويت شوكتهُم، فبرز دهليز الملك النّاصر، وعزم على قتالهم بنفسه، فقرُبت البحرية من دمشق، فهجم رُكن الدين البُنْدُقداري في بعض الأيام على الدِّهليز وهو عند الجسورة، وقطع أطناب الدِّهليز.

وولى هولاكو على العراق نوابه، وعزم ابن العلْقَمي على أن يحسِّن لهولاكو أن يقيم ببغداد خليفة علويًا فلم يتهيأ ذلك له، واطَّرَحَتْه التّتار، وبقي معهم على صورة بعض الغلمان، ثمّ مات كمدًا، قولوا: لا رحمه الله.

وسار هولاكو قاصدًا إلى أذَرْبيجان فنزل إليه بدر الدين صاحب الموصل فأكرمه ورده إلى الموصل، ونزل إليه تاج الدين ابن صَلايا فقتله، فقيل: إن صاحب الموصل كان فِي نفسه من ابن صَلايا، فقال لهولاكو: هذا شريف علويّ، فربّما تطاول إلى الخلافة، ويقوم معه خلق، فلهذا قتله -[676]-

هولاكو، ولم تطُل لصاحب الموصل بعد ذلك حياة.

وفيها جاءت فرقة من التّتار فنازلت ميَّافارقين فحصروها.

وفيها جاءت رُسُل قاءان من بلاد ما وراء النَّهر ورُسُل هولاكو إلى صاحب الشّام، فصورة كتاب هولاكو: " يعلم سلطان ملك ناصر طال بقاؤه إنه لما توجَّهنا إلى العراق وخرج إلينا جنودهم، فقتلناهم بسيف الله تعالى، ثم خرج إلينا رؤساء البلد ومقدَّموها، فكان قُصارى كلامهم سببًا لهلاك نفوس تستحقّ الإذلال، فأعدمناهم أجمعين، ذلك بما قدمت أيديهم وبما كانوا يكسبون، وأما ما كان من صاحب البلدة، فإنه خرج إلى خدمتنا، ودخل تحت عبوديتنا، فسألناه عن أشياء كذبَنَا فيها، فاستحق الإعدام، وكان كذبُه ظاهرًا، ووجدوا ما عملوا حاضرًا، أجِبْ ملك البسيطة، ولا تقولن: قِلاعي المانعات ورجالي المقاتلات، ولقد بلغَنَا أن شَذَراتٍ من العسكر التجأت إليك هاربة، وإلى جنابك لائذة.

أين المفرُّ ولا مفرَّ لهاربٍ ... ولنا البسيطان الثَّرى والماءُ

فساعَةَ وقوفِك على كتابنا تجعل قلاع الشّام سماءها أرضًا، وطولها عرضًا، والسلامُ.

ومن كتابٍ ثانٍ: " خدمة ملك ناصر طال عُمرُه، أما بعد، فإنّا فتحنا بغدادً واستأصلنا ملْكها وملِكها، وكان ظنَّ وَقد ضنَّ بالأموال، ولم ينافس فِي الرجال أن مُلكه يبقى على ذلك الحال، وقد علا ذِكره، ونما قَدْرُه، فخُسِفَ فِي الكمال بدْره.

إذا تم أمرٌ بدا نقْصُهُ ... توقَّعْ زوالًا إذا قيل تم

ونحن فِي طلب الازدياد، على ممر الآباد، فلا تكن كالذين نَسُوا الله فأنساهم أنفسهم، وأبْدِ ما فِي نفسِك، إما إمساكٌ بمعروفٍِ أو تسريحٌ بإحسان، أجبْ دعوة ملك البسيطة تأمَنْ شرّه، وتنل بِرَّه، وَاسْع إليه برجالك وأموالك، ولا تعوِّقْ رسولَنا، والسّلام ".

وفي صفر قدِم دمشق الملكُ الكامل ابن المظفَّر ابن العادل يستنجد الإسلام على التّتار، فتباشر النّاس شيئًا، ودخل البلد وزار قبر جَدّه، ثمَّ رد إلى بلاده، ولم ينفر أحدٌ لتَيَقُّن الناس بأخْذ بغداد. -[677]-

ووصل نحو خمسمائة فارس من عسكر العراق، ذكروا أن التّتار حالوا بينهم وبين بغداد، ثم جاء بعدهم نحو الثلاثمائة إلى دمشق.

وفي أثناء السنة اشتد الوباء بالشّام ومات خلْقٌ بحيث أنه قيل: إنه خرج من حلب فِي يومٍ واحدٍ ألفٌ ومائتا جنازة، وأما دمشق فكان فيها من المرض ما لا يحَد ولا يوصف، واستغنى العطارون، ونفدت الأدوية، وعز الأطِباء إلى الغاية، وأبيع الفرُّوج بدمشق بثلاثة دراهم، وبحلب بعشرة دراهم، ومبدأ الوباء فِي جُمادى الأولى لفساد الهواء بملحمة بغداد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015