-سنة تسع وستمائة

قَالَ أَبُو شامة: فيها نكبة سامة الْجَبَليّ صاحب دار سامة الّتي صُيِّرت مدرسة الباذرائيَّة. وكان من الأمراء الكبار، وهو الذي قِيلَ عَنْهُ: إنّه سَلّم بيروت إِلى الفرنج.

وقال أَبُو المظفّر سِبْط الجوزيّ: اجتمع المَلِك العادل وأولاده بدِمياط، وكان سامة بالقاهرة قد استوحش منهم، واتّهموه بمكاتبة الظّاهر صاحب حلب، وحكى لي المعظَّم: أنّه وَجَد لَهُ كتبًا وأجوبة إِلَيْهِ، فخرج سامة -[26]- من القاهرة كأنّه يتصيّد، ثُمَّ ساق إِلى الشّام بمماليكه، وطلبَ قِلاعه وهما: كوكب وعجلون، فأرسل والي بلبيس بطاقة إِلى العادل، فَقَالَ العادل: مَن ساق خلفه فله أمواله وقِلاعه. فركب المعظَّم وأنا معه، فَقَالَ لي: أَنَا ِأريد أن أسوق فسُق أنت مَعَ قماشي، وساقَ في ثمانيةٍ؛ إِلى غزَّة في ثلاثة أيّام، فسبقَ سامة. وأمّا سامة فانقطع عَنْهُ مماليكه ومن كَانَ معه، وبقي وحده وبه نِقْرس، فوصل الدّارومَ، فرآه بعض الصّيادين فعرفه، فَقَالَ لَهُ: انزِل. قَالَ: هذه ألف دينار وأَوصلني إِلى الشّام، فأخذها الصّيّاد، وجاء رفاقه فعرفوه أيضاً، فأخذوه على طريق الخليل ليحملوه إِلى عجلون، فدخلوا بِهِ. قَالَ: وأُنزل في صِهْيون، وبعث إِلَيْهِ المُعَظّم بثيابٍ ولاطَفَه وقال: أنت شيخ كبير وبك نِقْرس، وما يصلح لك قلعة، فَسَلِّم إليَّ عجلون وكوكب، وأنا أحلف لك عَلَى مالك وملكك، وتعيش بيننا مثل الوالد. فامتنع وشتم المُعَظَّم، فيئس منه وحبسه بالكَرَك، واستولى عَلَى قلاعه وأمواله، فكان قيمة ما أخذ له ألف ألف دينار، وخُرّبت قلعة كوكب إِلى الأرض عجزاً عن حفظها.

وفيها في المحرّم اصطلح المَلِك الظّاهر مَعَ عمّه العادل، وتزوّج بابنته، وكان العقْد بدمشق بوكيلين عَلَى خمسين ألف دينار، وهي ضيفة خاتون شقيقة المَلِك الكامل، ونثر النّثار عَلَى الشّهود والقرّاء، وبُعثت إِلى حلب في الحال. وكان جهازها على ثلاثمائة جمل، وخمسين بغلاً، ومعها مائتا جارية. فلمّا أُدخلت عَلَى الظّاهر مشى لها خُطوات، وقدم لها خمس عقود جوهر، قيمتها ثلاثمائة ألفٍ وخمسون ألف درهم، وأشياء نفيسة. وكان عرساً مشهوداً.

وفيها بعثَ الخليفة مَعَ الرَّكْب لقَتَادة صاحب مكَّة خلعاً ومالاً حتى لا يؤذي الركب.

وفيها استولى أَلْبان صاحب عكّا عَلَى أنطاكيَّة، وشَنَّ الغارات عَلَى التُّركمان، وشرَّدهم، فاجتمعوا لَهُ وأخذوا عَلَيْهِ المضايق، وحصل في وادٍ فقتلوه، وقتلوا جميع رجاله، قاله أَبُو شامه. وهو الّذي كَانَ قد هجم على فوة ونورة وقتل وسبى.

وفيها عزل العادل وزيره صفي الدين ابن شكر، وصادره ونفاه إلى الشرق.

وفيها كانت الوقعة المشهورة بوقعة العقاب بالأندلس بين مُحَمَّد بْن -[27]- يعقوب بْن يوسف بْن عَبْد المؤمن الملقَّب بالنّاصر، وبين الفِرنج، ونصر الله الإِسلام، واستشهد بها خلق كثير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015