-سنة تسع وتسعين وخمسمائة

أنبأنا ابن البُزُوري قال: فِي سلْخ المحرَّم ماجت النُّجوم، وتطايرت كتطاير الجراد، ودام ذلك إِلَى الفجر، وانزعج الخلْق، وخافوا وضجّوا بالدُّعاء إِلَى اللَّه تعالى، ولم يُعهد ذلك إلّا عند ظهور رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَفِيهَا جمع الملك العادل عسكرًا عديدًا، وفرَّق عليهم العُدد والأموال، وقدّم عليهم ولده الأشرف مُوسَى، وأمره أن يحاصر ماردين، فقطع صاحب ماردين الميرة عن عسكر العادل، وأمر أَهْل القلاع أن يقطعوا السُّبُل والميرة، والتقى طائفة من هؤلاء بطائفة من هؤلاء، فاقتتلوا وانهزم عسكر ماردين بعد أن قطعوا الطُّرُق وتعذّر سلوكها، وسار جماعة من عسكر العادل إِلَى راس عين، وبقي الملك الأشرف فلم ينل غرضه، ودخل الملك الظّاهر صاحب حلب فِي الصُّلح، فأجاب العادل على أن يحمل إليه صاحب ماردين مائة وخمسين ألف دينار، وأن يخطب له فِي بلاده، وأن يضرب السّكَّة باسمه، ويكون عسكر ماردين فِي خدمته، فأجاب صاحب ماردين إِلَى ذلك.

وذكر سبط ابن الجوزيّ مثل ما قدّمنا من موج النجوم وتطايرها.

وقال العزّ النّسّابة: رُئيَ في السماء نجوم متكاثفة متطايرة، شديدة الاضطراب إلى غاية.

وفيها شرع العادل في عمارة أسوار قلعة دمشق. -[953]-

وفيها مات السلطان غياث الدين الغُوريّ، وقبض أخوه السلطان شهاب الدّين إلْب غازي على جماعةٍ من خواصّ أَخِيهِ وأتباعه وصادرهم، وبالغ فِي التّنكيل بامرأة أَخِيهِ، وأخذ أموالها، وسيّرها إِلَى الهند على أسوأ حال، وهدم تربتها، ونبش أبويها، ورمى بعظامهم.

وفيها سيّر الملك العادل المنصور علي ابن الملك الْعَزِيز، وقيل اسمه مُحَمَّد، إِلَى مدينة الرُّها، وألزمه المُقام بها، وكان بدمشق هُوَ وأمّه وأخوته، فخاف العادل من ميل الرّعيَّة إليه، وأن يتملّك دمشق فأبعده.

وفيها بعث الخليفة الناصر لدين اللَّه إِلَى الملك العادل وأولاده بسراويلات الفُتُوَّة ومعها الخِلَع.

وكان الأشرف بحرّان، ملّكه أَبُوهُ بها مع الرها وغيرها في عام أول.

وفيها خرج ابن لاون صاحب سِيس لحرب البرنس صاحب أنطاكية، وعاث وأفسد.

وقدِم عكّا خلْق من الفِرنج وتحرّكوا، فاهتمّ لهم العادل، ثمّ ترحّلوا لأجل الغلاء والقحط بعكّا، وخافوا لا يقطع العادل عن عكا الميرة.

وفيها سار صاحب حماه الملك المنصور ونزل ببَعْرِين، فقصده الفِرنج من حصن الأكراد وطرابُلُس وغيرها، فالتقوا فهزمهم وقتل وأسر، وذلك فِي رمضان، ثُمَّ لم ينشَبْ أن خرج جمعٌ منهم فِي أربع مائة فارس وألف ومائتي راجل، فالتقاهم صاحب حماه فكسرهم، وقتل منهم مقتلةً عظيمة، وأسر جماعة، وذلك في رمضان أيضا، ومدحه الشعراء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015