-سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة

قال لنا ابن البزوري: أوّل يوم فِي السّنة كَانَ أوّل أيام الأسبوع، وأوّل السّنة الشّمسيَّة وأوَل سِنيّ الفُرس، والشّمس والقمر فِي أوّل البروج. وكان ذَلِكَ من الاتفاقات العجيبة.

قَالَ: وَفِي صَفَر عُزل نقيب النُّقباء ابن الروال بأبي القاسم قُثَم بن طلحة الزَّينبيَ.

وَفِي ربيع الأوّل استدعيَ مجد الدّين هبة اللَّه ابن الصاحب أستاذ الدّار إلى باطن دار الخلافة، فقُتِل بها. وكان قَدِ ارتفعت رُتْبته وعلا شأنه وتولّى قتلَه ياقوتُ النّاصريّ، وعلَّق رأسه عَلَى باب داره. وولي أستاذيَّة الدّار قِوام الدّين أبو طالب يحيى بن زبادة، نقْلًا من حجابة الباب النُّوبيّ وأُمِرَ بكشْف ترِكة ابن الصّاحب، فكانت ألف ألف دينار وخمسة وثلاثين ألف دينار، سوى الأقمشة والآلات والأملاك. وتقدَّم أن لا يتعرّض إِلَى ما يخصّ أولاده من أملاكهم الّتي باسمهم.

وقَالَ سبط ابن الجوزيّ: قرَّبه النّاصر تقريبًا زائدًا، فبسط يده فِي الأموال، وسفك الدّماء، وسبّ الصحابة ظاهرًا، وبَطَر بطَرًا شديدا، وعزم عَلَى تغيير الدّولة، إلى أن قَالَ: وثب عليه فِي الدِّهليز ياقوت شِحنة بغداد فقتله، ووُجد لَهُ ما لم يوجد في دُور الخلفاء.

قُلْتُ: وتُوفّي النقيب عَبْد الملك بْن علي بالسّجن، وكان خاصًّا بابن الصّاحب والمنفّذ لمراسمه، وأُخرج، فَلَمَّا رأت العامَّة تابوته رَمَوه، وشدّوا فِي رِجْله حَبْلًا وسحبوه، وأحرقوه بباب المراتب.

وفي شوال عُزل ابن الداريج عَنْ نيابة الوزارة، ثُمَّ نُفِّذ إلى جلال الدّين أَبِي المظفّر عُبيد اللَّه بْن يُونُس فوُلي الأمر. ثُمَّ استُدْعيَ يوم الجمعة إلى باب الحجرة، وخُلعَ عليه خِلعة الوزارة الكاملة، ولُقِّب يومئذٍ جلال الدّين، وقبَّل يد الخليفة وقَالَ لَهُ: قلَّدتك أمور الرعيَّة فقدِّم تقوى اللَّه أمامك. -[673]-

وَقَدْ كَانَ ابن يُونُس يشهد عِنْد قاضي القضاة أبي الحسن ابن الدّامغانيّ، وتوقَّف مرَّةَ فِي سماع قوله. فَلَمَّا كَانَ هَذَا اليوم كَانَ قاضي القُضاة مِمَّنْ يمشي بَيْنَ يديه. فَقِيل إنَّه قَالَ: لعن اللَّه طول العمر. ثُمَّ مات بعد أيام فِي ذِي الحجة، فوُلّي قضاءَ القُضاة بالعراق أَبُو طالب عليّ بن عليّ ابن البخاري.

وفيها أرسل السّلطان طُغْرُل بْن أرسلان بْن طُغْرُل بْن مُحَمَّد السَّلْجوقيّ إلى الدّيوان يطلب أن تُعمر دار المملكة ليجيء وينزلها، وأن يُسمى في الخطبة. فأمر الخليفة فَهُدمت دار المملكة وأُعيد رسوله بغير جواب. وكان مُستضعف المُلك مَعَ البهلوان لَيْسَ لَهُ غير الاسم. فلما مات البهلوان قويت نفسه وعسكر، وانضمَّ إِلَيْهِ أمراء.

وحجَّ بالركْب العراقيّ مُجِير الدّين طاشتِكين عَلَى عادته، وحجَّ منَ الشّام الأمير شمس الدّين مُحَمَّد بْن عَبْد الملك، المعروف بابن المقدَّم، فضرب كوساته، وتقدَّم من عَرَفَات قبل أصحاب الخليفة، فأرسل طاشتِكين يلومه، فلم يفكّر فِيهِ، فركب طاشتكين فِي أجناده، إلى قتاله، وتبعَه خلْق من ركْب العراق. ووقع الحرب، وقُتِل من رَكب الشام خلق، ثُمَّ أُسِرَ ابن المقدَّم، وجيء بِهِ إلى خيمة طاشتكين، وخيطت جراحاته، ثُمَّ مات بمِنى ودُفن بها.

قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ مِن كبار الأمراء النُّوريّة وولي نيابة دمشق للسّلطان صلاح الدّين وهو واقف المدرسة المقدّميَّة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015