بامتحان (?) الفقهاء فيها، فمن لم يقر بأنه مخلوق ضرب وحبس وأشخص إلى بغداد.
وتوفّى ثمامة سنة 213 وتولى كبر هذه المحنة بشر المريسى المتوفى سنة 218 ثم أحمد ابن أبى دؤاد أحد رءوس المعتزلة، لا فى عهد المأمون فحسب، بل أيضا فى عهد المعتصم والواثق أى إلى نهاية هذا العصر. وأعظم سنة اشتدت فيها هذه المحنة سنة 218 إذ عنف المأمون بالفقهاء عنفا شديدا، فضرب من لم يقروا بأن القرآن مخلوق وأهينوا وردعوا بالسيف وغيره، وكان ممن ثبت على رأيه أحمد بن حنبل فقيّد وأمر المأمون بأن يحمل إليه هو ومن امتنع مثله عن الإقرار بخلق القرآن، وكان يغزو بأرض الروم شمالى الشام، فأوثقوا بالحديد، وحملوا إليه. وما إن وصلوا إلى الرقة، حتى جاء الخبر بنعى المأمون، فردّوا إلى بغداد، وعاد المعتصم إلى امتحان ابن حنبل، فثبت للمحنة ولم يرجع عن رأيه.
وقد حدثت فى عصر المأمون ثورات كثيرة كان يعهد فى إخمادها إلى قواده الأكفاء من مثل طاهر بن الحسين، وقد ولاّه خراسان فى سنة 205 فقضى على رءوس الفتن بها، ويقال إنه فكر فى خلع طاعة الأمون ولكن الموت عاجله، وجعل المأمون بعده ولاية خراسان لابنه طلحة فظل بها إلى وفاته سنة 213 وولى المأمون عليها من بعده أخاه عبد الله فأسس هناك الدولة الطاهرية التى ظلت نحو قرن من الزمان.
وكان عبد الله قد أدّى للدولة خدمات جليلة، إذ ولاّه المأمون الرقة لحرب نصر بن شبث العقيلى وضيق عليه الخناق حتى ألقى له عن يد طالبا الأمان (?) لسنة 209 وكانت نار الفتنة مشتعلة (?) بمصر منذ حروب الأمين والمأمون، إذ ناصرت القيسية الأمين واليمنية المأمون، واشتبكت الفئتان فى حروب دامية ظلت مضطرمة، وظلت معها القلاقل، وزاد فيها نزول جموع من الأندلس فى الإسكندرية كان قد طردهم الحكم أمير قطرهم فولّوا وجوههم إليها واستولوا عليها. فرأى المأمون أن يولّى على مصر عبد الله بن طاهر حتى يقمع ما بها من فتن وحتى يرد الأندلسيين