ساحقة، فولّى مع بعض فلول جيشه حتى حران وتركها إلى نهر أبى فطرس بفلسطين والأردن. وتبعه عبد الله بن على، وتلقاه بلدان الشام بالتهليل والترحيب إلا ما كان من دمشق ولكنها سرعان ما انقادت له. وبرحها إلى نهر أبى فطرس، فإذا مروان قد آوى إلى مصر، فأرسل وراءه أخاه صالحا فما زال يفر أمامه من بلدة إلى بلدة حتى لقى حتفه فى بوصير من بلدان الصعيد لأواخر سنة 132 للهجرة.

وكان لا يزال يزيد بن عمر بن هبيرة يقاوم فى واسط، وقد ضرب من حوله الحصار، حتى إذا جاءه نعى مروان بن محمد أخذ يفاوض العباسيين فى التسليم لهم، وسرعان ما عقدوا له أمانا فتح على إثره أبواب واسط، غير أنهم عادوا ففتكوا به وبكثيرين ممن كانوا معه (?).

وتذكر كتب التاريخ والأدب أن العباسيين مضوا يفتكون بأفراد البيت الأموى فتكا ذريعا يريدون أن يستأصلوهم من الأرض استئصالا، حتى ليتخذ ذلك شكل احتفالات دامية، وكان أول من بدأها عبد الله بن على إذ دعا فى أبى فطرس نحو ثمانين منهم إلى وليمة، ولم يكادوا يجتمعون لها حتى انبري بعض الشعراء يحرضونه على الفتك بهم ثأرا للإمام إبراهيم بن محمد ومن قتلوا من العلويين والهاشميين، فأمر بهم جميعا أن يضربوا بالعمد حتى يلقوا حتفهم (?) نكالا لهم ولآبائهم.

وصنع صنيعه بجماعات أخرى منهم السفاح وعماه داود وسليمان (?)، وكأنهم لا يريدون أن يبقوا على وجه الأرض أحدا منهم، وحتى موتاهم لم يفلتوا من هذا العقاب الصارم، إذ يقال إنه نبشت قبور خلفائهم-ما عدا قبرى معاوية وعمر ابن عبد العزيز الخليفة الورع-وحرّقت بقايا جثثهم بالنار تحريقا (?). وكان هذا البطش الذى لا يبقى ولا يذر دافعا لعبد الرحمن الداخل حفيد هشام بن عبد الملك إلى أن يلوذ بالفرار إلى الأندلس حيث أسس بها دولة أموية جديدة ظلت نحو ثلاثمائة عام.

وعلى هذا النحو ظفرت الثورة العباسية بالبيت الأموى الذى كانت نفوس الرعية تمتلئ سخطا وحفيظة عليه لما أذاقهم من الظلم، ولما حرمهم من الإنصاف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015