وجعل فى الطبقة السادسة ابن قيس الرقيات والأحوص وجميلا ونصيبا، وهم أعلى من طبقتهم، وقد ترجمنا لهم جميعا. وقرن بالمتوكل الليثى فى الطبقة السابعة ابن مفرّغ وزيادا الأعجم وعدىّ بن الرقاع، وقد ترجمنا للثلاثة الأخيرين وأهملنا المتوكل لقلة أشعاره. وجعل فى الطبقة الثامنة عقيل بن علّفة وشبيب بن البرصاء، وشعرهما جميعا قليل قلة شديدة. وسلك فى الطبقة التاسعة أربعة من الرجّاز هم: الأغلب العجلى وأبو النجم والعجّاج ورؤبة، وقد ترجمنا للثلاثة الأخيرين وأهملنا الأغلب لقلة أراجيزه. وجعل الطبقة العاشرة لمزاحم العقيلى ويزيد بن الطّثريّة وأبى دؤاد الرّؤاسى والقحيف العقيلى، وجميعهم مقلون. وعلى هذا النحو وضع ابن سلام فى طبقات الإسلام شعراء مقلين لم يبلغوا فى الشعر مبلغا مذكورا، ونحّى كثيرين يغنون فيه غناء محمودا، مسوقا فى ذلك بدوافع لغوية خالصة، ومن ثمّ عنى بشعراء نجد والبوادى، ولم يكد يعنى بشعراء المدن مع أنهم يفضلونهم بما دفعوا إليه الشعر من تطور مع الحياة الجديدة وبما نظموا من آيات رائعة.

وقد أهمل ابن أبى ربيعة، وهو أكبر شعراء الغزل فى عصره، وأهمل معه العرجى وأهمل شعراء الخوارج من أمثال عمران بن حطّان والطّرمّاح، ولم يعن من شعراء الشيعة إلا بكثيّر، وأهمل شعراء الزهد من أمثال أبى الأسود الدؤلى وسابق البربرى وشعراء المجون من أمثال الوليد بن يزيد وأبى الهندى.

وبذلك كله كانت طبقات الإسلام عند ابن سلام قاصرة عن إعطاء صورة حقيقية لحياة الشعر الخصبة فى عهد بنى أمية. وقد ترجمت لكل من ذكرتهم آنفا ممن أهملهم ولآخرين لا يقلون عنهم إبداعا. ومضيت أمثّل فى كل جانب من جوانب العصر وفى كل فن من فنون الشعر بأشعار مختلفة لغير من ترجمت لهم ناثرا فى الهوامش مراجع كثيرين منهم، تعين على التوسع فى دراستهم. والذى لا شك فيه أن شعراء العصر الأموى تطوروا بالشعر فى جميع مناحيه واتجاهاته وأنهم استطاعوا أن يمثّلوا عصرهم فيه بجميع انطباعاته، ناطقين بلسانه نطقا أشاعوا فيه الروعة والجمال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015