1313 هـ/1896 م وصدرت الأوامر إلى سردار الجيش المصرى أو بعبارة أخرى قائده العام كتشنر لإعداد جيش لفتح السودان، ومرّ الجيش بوادى حلفا، واسترجع مديرية دنقلة. واستراح الجيش ثم وصل إلى أبى حمد فى أغسطس سنة 1897 للميلاد، وفى هذه السنة استولى الجيش المصرى على كسلا ورفع هناك العلم المصرى، وتقدم كتشنر بالجيش وانتصر فى معركة عند عطبرة فى أبريل سنة 1898 للميلاد، ومضى فى زحفه حتى أم درمان ونشبت معركة حامية الوطيس فى شهر سبتمبر دارت فيها الدوائر على الأنصار. واتجه التعايشى إلى الغرب يريد أن يحتمى به، وظل أشهرا يعدّ العدة للقاء كتشنر ثانية ورفع كتشنر العلمين المصرى والإنجليزى على سراى الحكم فى الخرطوم ودارت موقعة بين التعايشى وبين بعض متعقبيه من جند كتشنر فى نوفمبر سنة 1898 وتوفى. وبموته دانت البلاد للجيش الفاتح.
6 -
رأينا كتشنر بمجرد دخوله الخرطوم يرفع على سراى الحكم العلمين المصرى والإنجليزى، وكان كرومر المندوب السامى البريطانى قد استطاع أن يقنع نوبار باشا فى يناير سنة 1899 للميلاد بتوقيعه على وثيقة الحكم الثنائى المصرى الإنجليزى للسودان، وعينت الوثيقة خط العرض 22 شمالا حدا فاصلا بين مصر والسودان، وأن يرفع العلمان المصرى والإنجليزى على جميع دور الحكومة وأن تكون الإدارتان العسكرية والمدنية بيد موظف ترشحه الحكومة البريطانية ويعينه خديوى مصر، ويلقب بحاكم عموم السودان ولمنشوراته حكم القانون ولا يسمح لتمثيل قنصلى فى السودان إلا بموافقة الحكومة البريطانية، ولا تمتد سلطة المحاكم المختلطة إلى أى جزء فى السودان. وواضح أن الحاكم العام يكون إنجليزيا وترشحه الحكومة الإنجليزية، ومنح سلطات كبيرة تجعله حاكما مستقلا. ورأى كرومر أن تكون مناصب المديرين والمفتشين للإنجليز، أما المصريون فلهم إدارة المراكز والمأموريات. وربما كانت الحسنة الوحيدة فى هذه الاتفاقية أن السودان أعفى من الامتيازات الأجنبية. وعيّن كتشنر أول حاكم عام للسودان وقد جمع من السودانيين تبرعات لإنشاء مدرسة ثانوية تسمى كلية ذكرى غوردون، وبلغت التبرعات مائة ألف جنيه. وافتتحت المدرسة سنة 1903 وأنشئت فيها أقسام متخصصة: قسم للشريعة الإسلامية لتخريج القضاة، وقسم للمهندسين وقسم للمعلمين، وظلت مصر تعين السودان ماليا حتى سنة 1954 ووضعت نظم للشئون المالية والشئون الإدارية وللتعليم