بموجب الكتاب والسنة، وقسم السودان إلى عمالات أو أقاليم، وجعل على كل عمالة أو إقليم حاكما، يسيطر على الجيش والإدارة ومع كل حاكم عدد من الموظفين يساعدونه فى أعماله الإدارية، واستحالت العاصمة أم درمان من معسكر إلى مدينة كبيرة.

وكانت مصر قد استردت حاميتها من ميناء مصوع فاحتلها الإيطاليون واحتلوا أيضا إريتريا سنة 1302 هـ‍/1885 م وأسرع التعايشى وعين على مدينة القلابات عاملا ناوش الأحباش وقتل فى إحدى المعارك، ويرسل إليها قائده أبا عنجة على رأس جيش كبير يتألف من نحو ستين ألف جندى لقتال الحبشة، ولقيه جيش حبشى بقيادة الرأس عدار ومنى الأحباش بهزيمة قاصمة، وتقدم المهديون إلى قندر (غوندار) عاصمة الحبشة حينذاك وأحرقوها. ومنذ سنة 1303 هـ‍/1886 م أصبح بحر الغزال دون حاكم يشرف على شئونه، وبالمثل مديرية خط الاستواء وكانت سقطت فى أيدى أتباع المهدى سنة 1305 هـ‍/1888 م وضمّها الإنجليز إلى مستعمرتهم أوغنده. وصمم يوحنا إمبرطور الحبشة سنة 1889 للميلاد على أن يغسل عن جيشه عار هزيمة سنة 1886 فحشد جيشه جميعه وتقدم به إلى القلابات لحرب المهديين أو الأنصار، والتقوا به ودارت الدوائر على جيشه وجرح فى المعركة جرحا مميتا وانسحب جيشه ووراءه الأنصار يقتلون ويأسرون ويستولون على غنائم لا تحصى من العبيد والجوارى والأسلحة والخيول وتاج الإمبراطور نفسه، وهو نصر رفع الروح الحربية والمعنوية فى الأنصار إلى الذروة.

وصمم التعايشى على غزو مصر وإنقاذها من الاحتلال الإنجليزى وأعدّ لذلك فى نفس السنة جيشا بقيادة عبد الرحمن النجومى، وهو من الجعليين، وسار إلى الشمال متجها إلى أسوان ومصر ولكن حامية وادى حلفا أنزلت بجيشه خسائر فادحة، وزادتها فداحة وجسامة معركة توشكى بعدها بحيث قضى على الجيش السودانى قضاء نهائيا. وفى السنة نفسها انتشرت فى السودان مجاعة كبيرة، وكان التعايشى محاطا بالأعداء من كل جانب فلم يستطع تموين البلاد من الخارج. وفى سنة 1307 هـ‍/1890 م أخضع التعايشى قبائل الشلوك أشجع القبائل السودانية الزنجية فى الجنوب ودخلت عاصمتها فاشودة فى طاعته، وكان ذلك تعويضا له عن خسائره فى الشمال وفى المجاعة. واستطاعت قوة مصرية فى سنة 1308 هـ‍/1891 م أن تهزم عثمان دقنة قائد التعايشى بالقرب من مدينة طوكر جنوبى سواكن واستردتها. وفى سنة 1311 هـ‍/1894 م استولى الإيطاليون على مدينة كسلا السودانية بالقرب من حدود إريتريا. ونشبت حرب بين إيطاليا مالكة مصوع وكسلا وبين الحبشة فى عهد إمبراطورها الجديد منليك سنة 1895 للميلاد وأنزل الأحباش بالإيطاليين هزيمة ساحقة فى غرة مارس سنة 1896 عند مدينة عدوة، وبذلك قضى على ما كان يتهدد أتباع التعايشى من خطر الطليان. غير أن خطرا أعظم أخذ يبدو فى الأفق، فقد رؤى إنشاء خط حديدى من وادى حلفا إلى مدينة أبى حمد بين الشلالين الرابع والخامس يمكن استغلاله فى نقل الجيوش سنة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015