القرن الخامس الهجرى اختلط البربر بالأعراب وكوّنوا شعبا عربيا واحدا فى حياته ولغته ودينه. وظلت الكثرة من الأعراب تنطق بالفصحى نطقا سليما حتى القرن السابع الهجرى، وسرت إليهم عدوى العامية فهجروا الإعراب، ومع ذلك ظلت الفصحى لغة العلم والأدب الرفيع، وغذاها المهاجرون الأندلسيون فى القرن السابع ثم فى القرن التاسع والحادى عشر بغذاء قويم بثّ فيها روحا وغير قليل من الانتعاش. ويكثر الشعراء فى إفريقية التونسية منذ ولاية يزيد بن حاتم المهلبى فى أواسط القرن الثانى الهجرى، وكان أمراء الدولة الأغلبية وخلفاء الدولة العبيدية شعراء وأجزلوا العطايا لمادحيهم، وينهض الشعر فى زمن الدولة الصنهاجية، ويقال إن مادحى المعز بن باديس بلغوا المائة عدّا، وكان ابنه تميم شاعرا ومقصدا للشعراء من كل بلد مغربى ومشرقى وكان ابنه يحيى وحفيده على وابنه الحسن غاية فى الجود، فقصدهم غير شاعر، ولابن حمديس وأمية بن أبى الصلت الأندلسى فيهم مدائح رائعة، ويتكاثر الشعراء حول أمراء الطوائف مثل سلامة بن فرحان شاعر أبى الحملات أمير مدينة قابس والتراب السوسى شاعر جبارة بن كامل أمير مدينة سوسة. ومن شعراء هذا العهد على الحصرى وعبد الله الشقراطسى. ويزدهر الشعر فى العهد الحفصى ويرفده جدول أندلسى، ومن شعرائه جابر بن عنان وابن عريبة وابن حسينة وابن السماط المهدوى والليانى وغيرهم كثير، ومنذ القرن الثامن الهجرى يزاحم الشعر الشعبى الملحون الشعر، ويهاجر كثير من الأندلسيين إلى إفريقية التونسية فى القرن الحادى عشر ويسترد الشعر شيئا من حيويته ونشاطه فى العصر العثمانى، وخاصة منذ عهد الأسرة الحسينية.
وتظهر فى كل غرض من أغراض الشعر طائفة من الشعراء المبدعين، ودائما كانت سوق المديح نافقة، ومن أعلامه الذين ترجمنا لهم على بن محمد الإيادي، والكاتب الرقيق وابن رشيق والتراب السوسى وابن عريبة وعبد الله التجانى وعلى الغراب والورغى. ومن أعلام الفخر المهمين تميم بن المعز ومحمد الرشيد الحسينى. ومن أعلام الغزل على الحصرىّ وأحمد اللّليانى ومحمد ماضور. ومن أعلام شعر الغربة والشكوى والعتاب ابن عبدون ومحمد بن أبى الحسين.
ومن أعلام شعر الطبيعة عبد الواحد بن فتوح وابن أبى حديدة وأبو على بن إبراهيم. ومن أعلام شعر الرثاء للأفراد والمدن والدول ابن شرف القيروانى ومحمد بن عبد السلام. ومن أعلام الوعظ أحمد الصواف، ومن أعلام التصوف محرز بن خلف، ومن أعلام المديح النبوى الشقراطسى والسماط المهدوى. وكل هؤلاء الشعراء حاولت تبين شخصياتهم، مع عرض أهم روائعهم الشعرية.
ونهض النثر فى تونس على لسان الولاة والقواد، وتأسست بها-مبكرة-الدواوين، ونهض أبو اليسر الشيبانى رئيس ديوان الانشاء فى عهد الأغالبة بالكتابة الديوانية وكون فيها