1
تحدثت-فى الصحف الماضية-عن ليبيا فى القسم الأول من هذا الجزء الخاص بتاريخ الأدب العربى فيها وفى تونس وصقلية من الفتح العربى إلى العصر الحديث. وعرضت جغرافيتها وتاريخها القديم وأنها ظلت تستقبل الحضارات الفينيقية والقرطاجية واليونانية والرومانية والبيزنطية دون أن تضيف إليها شيئا، وألممت بفتح العرب لها فى عهد الخليفة عمر بن الخطاب وتعاقب الولاة عليها فى العصرين الأموى والعباسى، وتبعية طرابلس للدولة الأغلبية فى القيروان منذ سنة 184 هـ/800 م إلى 296 هـ/908 م بينما كانت برقة تتبع مصر.
ويتبعان جميعا الدولة العبيدية، ويسترد بلكين الصنهاجى تبعية طرابلس إلى القيروان ويؤسس بها بنو خزرون دولة ظلت خمسين عاما، وتعمها هى وبرقة الهجرة الأعرابية الكبرى فى منتصف القرن الخامس الهجرى، وقد أحالوا معظم ليبيا إلى مشيخات بدوية، ويعيث فيها فسادا قراقوش وابن قراتكين وابنا غانية فى النصف الثانى من القرن السادس الهجرى، وتتبع برقة مصر فى عصر الأيوبيين والمماليك، ويوكّلون عنهم بنى عزاز فى حكمها وجبايتها، وتتبع طرابلس الدولة الحفصية فى تونس، ويؤسس بها بنو عمار دولة لهم من سنة 724 هـ/1324 م إلى 801 هـ/1398 م وتعود للحفصيين ويستولى عليها شارل الخامس ملك إسبانيا سنة 916 هـ/1511 م ويتركها سنة 932 هـ/1526 م لفرسان مالطة، ويخرجهم منها الأسطول العثمانى سنة 958 هـ/1551 م وتظل للعثمانيين، ويتولاها منهم أحمد القرمانلى سنة 1123 هـ/1711 م ويجعلها وراثية فى أبنائه إلى أن استردها العثمانيون منهم سنة 1251 هـ/1835 م وبذلك تبدأ ليبيا عصرها الحديث.
وسكان ليبيا-من قديم-ينقسمون إلى حضر فى المدن على الساحل وما وراءه من بساتين وزروع، وإلى بدو رحّل فى منطقتى شبه الصحراء والصحراء الليبية المترامية الأطراف. وقد نزلتها عناصر جنسية كثيرة بجانب سكانها البربر من فينيقيين وإغريق ويهود ورومان وزنوج وعرب وترك وجلبهم المسيحى الأوربى من القرصنة. وبجانب النشاطين الزراعى والرعوى وصيد الأسماك والإسفنج على السواحل نمت بليبيا صناعات يدوية كثيرة مثل عصر الزيت ونسيج الملابس والأبسطة ودبغ الجلود واستخراج الملح من السواحل. وكان البربر وثنيين،