{كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً)} {(وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما).} ويوجب القرآن للزوجة كثيرا من الحقوق حين تفصم العلاقة بينها وبين زوجها، من ذلك أن يسرّحها بإحسان وأن لا يمسك عنها شيئا من صداقها، يقول جلّ وعز: {(وَإِنْ أَرَدْتُمُ اِسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً).}
وبكلّ ذلك كفل الإسلام للمرأة حقوقها، وأوجب على الرجل أن يرعاها وأن يقوم بها خير قيام. ومن غير شك ليست هناك علاقة بين الإسلام ونظام الحريم الذى شاع فى العصر العباسى، فإن الإسلام يجلّ المرأة ويرفع قدرها، حتى لنراها فى الصدر الأول من العصر الإسلامى تشارك فى الأحداث السياسية على نحو ما هو معروف عن موقف السيدة عائشة أم المؤمنين فى حروب علىّ وطلحة والزبير، وكانت هى نفسها مصدرا كبيرا من مصادر الحديث النبوى وهدى الرسول الكريم.
رأينا الإسلام يرفع من شأن المسلم اجتماعيّا وعقليّا وروحيّا، وهو ارتفاع من شأنه أن يسمو بإنسانيته، إذ حرّره من الشرك وعبادة القوى الطبيعية، وأسقط عن كاهله نير الخرافات. وبدلا من أن يشعر أنه مسخّر لعوامل الطبيعة تتقاذفه كما تهوى نبّهه إلى أنها مسخرة له ولمنفعته، ودعاه لأن يستخدم فى معرفة قوانينها عقله ويعمل فكره. وبذلك فك القيود عن روح الإنسان وعقله جميعا، وهيأه لحياة روحية وعقلية سامية، كما هيأه لحياة اجتماعية عادلة، حياة تقوم على الخير والبرّ والتعاون، تعاون الرجل مع المرأة فى الأسرة الصالحة وتعاون الرجل مع أخيه فى المجتمع الرشيد.