{تَشْكُرُونَ وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)} {(وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنّاسِ)} {(هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ).}
فكلّ ما فى الوجود مسخّر للناس ولعقولهم كى يستغلوه وكى يستكشفوه لمنفعتهم.
وكان أول ما نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم: {(اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ اِقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ)} فالدعوة إلى العلم وأنه نعمة أسبغها الله على الإنسان تقترن بآيات القرآن الأولى. ودائما تتردد فيه الإشادة بالعلم والعلماء فى مثل: {(وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً)} {(إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ)} {(قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ).} وفى كل هذه الآيات دعوة صريحة للمسلمين كى يطلبوا كل علم ويفيدوا منه، ولعله لذلك لم يظهر عندنا تعارض بين الإسلام والعلم فى أى عصر من العصور، بل تعاونا دائما تعاونا مثمرا. وقد رويت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة تحثّ على العلم والتعلم من مثل: «طلب العلم فريضة على كل مسلم» و «من سلك طريقا يلتمس فيه علما سلك الله به طريقا من طرق الجنة» و «العلماء ورثة الأنبياء».
وقد حمّل الإسلام هؤلاء العلماء أمانة الدين الحنيف، وجعل لهم حق الاجتهاد فى فروعه وما يطوى فيه من استنباط للأحكام يقول جلّ ذكره:
{(فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ)} ويقول: {(وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)}، ويقول للرسول الكريم: {(وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ)}، وفعلا كان يستشير أصحابه فى كثير من المسائل ويصدر عن رأيهم (?). ومن هنا أصبح الاجتهاد بالرأى أصلا من أصول الإسلام حين لا يوجد نصّ فى كتاب أو سنّة، روى الرواة عن معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن قال له: كيف تصنع إن عرض لك قضاء؟ قال: أقضى بما فى كتاب الله