ويكثر الشعراء فى القطر التونسى منذ منتصف القرن الثانى الهجرى بفضل ما أحدثه فيها واليها يزيد بن حاتم المهلبى من حركة أدبية واسعة بما صحبه إليها-ووفد عليه-من الشعراء، وكان إبراهيم بن الأغلب شاعرا، وبالمثل كثير من أهل بيته، فراج فى القيروان سوق الشعر وازداد رواجه فى عهد الخلفاء العبيديين وكانوا جميعا شعراء وأجزلوا لمادحيهم فى العطاء، وينهض الشعر نهضة عظيمة فى عهد المعز بن باديس الصنهاجى، وكان ينثر العطايا على مادحيه نثرا ويقال إنهم بلغوا مائة عدّا، وألف ابن رشيق كتابه أنموذج الزمان لعهده وترجم فيه لمائة من أفذاذ الشعراء ونابهيهم وجميعهم من معاصريه. وكان ابنه تميم جوادا ممدّحا وكان شاعرا وقصده الشعراء من جميع الآفاق: كما قصدوا ابنه يحيى وحفيده عليا وابنه الحسن، ولابن حمديس الصقلى وأمية بن أبى الصلت الأندلسى فى الثلاثة مدائح طنّانة سوى من كان يحفّ بهم من شعراء القيروان. ويتنافس حكام المدن بعهد أمراء الطوائف فى جمع الشعراء حولهم على نحو ما يصور ذلك العماد الأصبهانى فى كتابه الخريدة، وممن ذكرهم من شعراء أبى الحملات مدافع أمير مدينة قابس سلام بن فرحان القابسى وهو من الشعراء المجيدين وذكر من شعراء جبارة بن كامل أمير مدينة سوسه التراب السوسى وهو من الشعراء المبدعين، ومن الشعراء الأفذاذ لهذا العهد على الحصرى المهاجر إلى الأندلس وأبو الفضل بن النحوى وعبد الله الشقراطسى. ويزدهر الشعر فى العهد الحفصى. ويفد على مدينة تونس كثير من شعراء الأندلس ويستقرون فيها ويبعثون فيها حركة شعرية خصبة مثل ابن الأبار وابن عميرة وحازم القرطاجنى وابن القصير. وأخذ الشعراء يتكاثرون فى تونس مثل عنان بن جابر وابن عريبة ومحمد بن أبى الحسين وابن الشباط وابن السّماط وابن حسينة والشهاب بن الخلوف. ويزاحم منذ القرن الثامن الشعر الشعبى الشعر الفصيح. ويضعف الشعر فى أواخر العهد الحفصى وأوائل العهد العثمانى، وتبعث فيه هجرة الأندلسيين إلى الإقليم التونسى فى القرن الحادى عشر الهجرى غير قليل من النشاط ويسترد حيويته ونضرته فى عهد الأسرة الحسينية على لسان أمثال على الغراب ومحمد الورغى ومحمد ماضور وتكثر فيه المعارضات الشعرية. ويتكاثر أعلام الشعراء فى جميع أغراض الشعر وفنونه منذ الحقب التاريخية الأولى. ومن أعلام المديح على بن محمد الإيادي والكاتب الرقيق وابن رشيق والتراب السوسى وابن عريبة وعبد الله التجانى وعلى الغراب والورغى، ومن أعلام الفخر والهجاء تميم بن المعز الصنهاجى ومحمد الرشيد الحسينى، ويتكاثر شعراء الغزل من أمثال على الحصرى وأحمد الليانى ومحمد ماضور ومن شعراء الغربة والشكوى والعتاب ابن عبدون ومحمد بن أبى الحسين، ويكثر شعراء الطبيعة من مثل عبد الواحد بن فتوح وابن أبى حديدة وأبى على بن إبراهيم، وبالمثل شعراء الرثاء للأفراد والمدن والدول مثل ابن شرف القيروانى ومحمد بن عبد السلام، ومن شعراء الوعظ أحمد الصواف وشعراء التصوف محرز بن خلف وأبو الفضل بن النحوى ومن شعراء المديح النبوى