فريضة الحج وعاد فخدم الحفصيين سنة 750 وبعد سنتين اعتزل للعبادة بتلمسان وأجبر فى سنة 757 على خدمة السلطان أبى عنان وجعله رئيس ديوان الكتبة. وأفلت عند موته وعاد إلى غرناطة فعيّن قاضيا إلى وفاته بعد سنة 774 وكان شاعرا مجيدا فى الشعر الغنائى والتعليمى. ويقول ابن الخطيب فى الإحاطة له رحلة «فيض العباب وإحالة قداح الآداب فى الحركة إلى قسنطينة والزاب» وقد حققها ونشرها بالرباط-كما ذكرنا فى الهامش-الدكتور محمد بن شقرون، ووضع بين يديها مقدمة قيمة. وهى فى وصف رحلة السلطان أبى عنان المرينى من فاس إلى سلا والعودة منها ثم إلى قسنطينة والزاب والعودة منها عن طريق الصحراء. والرحلة وثيقة تاريخية مهمة عن فتح بنى مرين لقسنطينة وعنّابة وتونس وبيعة البلدان المغربية لأبى عنان، وقد كتبها ابن الحاج بأسلوب أدبى التزم فيه السجع وبعض المحسنات البديعية مع العناية باستخدام التورية والتصنع للمصطلحات العلمية وبعض الألفاظ الغريبة مما أشاع غير قليل من التكلف فى صياغة الرحلة.
ولصديقه ابن الخطيب معاصره الذى مرت ترجمته بين كتاب الرسائل الديوانية رحلات بديعة فى بلدان الأندلس والمغرب، وأول ما نقف عنده رحلته (?) مع أميره أبى الحجاج يوسف الأول فى تفقده لبعض الثغور الشرقية لإمارته سماها: «خطرة الطيف فى رحلة الشتاء والصيف» وقد سار موكب أبى الحجاج فيها تلقاء الشمال الشرقى من العاصمة غرناطة إلى وادى آش فإلبيرة. ويعود الموكب من طريق آخر مارا بثغر المريّة على البحر المتوسط. وكانت زيارات الأمير أبى الحجاج لها ولغيرها من المدن أشبه باستعراضات عسكرية، يشترك فيها جند الأمير مع أهل البلدة إذ كانت بلاد الإمارة الغرناطية أشبه برباطات حربية، فكل من فيها حاملو سلاح. ويقول ابن الخطيب إن النساء فى هذه الاستعراضات كن كثيرات، وكن يحيين الرجال ويحييهن الرجال، ونظن ظنا أن كثيرات منهن كن سافرات إذ عرفت الأندلس-كما مر فى غير هذا الموضع- السفور مبكرا.
ولابن الخطيب رحلة ثانية سماها «معيار الاختيار فى ذكر الأحوال والديار» ويسميها مقامة وليست مقامة بل رحلة كسابقتها وصف فيها أربعا وثلاثين مدينة من مدن إمارة