المعرفة، فتقول له عند مولانا ومأوانا الرئيس الأعلى، ويفيض فى مديح الرئيس أبى سعيد بن نصر.

والمقامة مسجوعة سجعا عذبا، وهى تصوّر جوانب كثيرة من المجتمع الغرناطى، تصوّر ربة البيت وما تكلف به زوجها من مطالب فوق طاقته حتى إذا أحضر لها ما تريد عادت فأزرت به، وتصوّر القصّاب فى زيّه وقد شدّ فى وسطه مئزرة وقصّر ثوبه وكشف عن ساقيه وشمر ساعديه، وتصوّر جشعه فى البيع. وترينا نظام التوثيق وكتابة العقود فى الأندلس وما كان يشيع هناك من صناعة الفخّار، والمحتسب ومن يساعده من الأمناء ورجال الشرطة، والعجائز وتطفلهن، والأولاد والتفافهم حول كلّ ما يرون. وهى مقامة بديعة.

المقامات اللزومية للسّرقسطى

هو أبو الطاهر (?) محمد بن يوسف التميمى السرقسطى الإشتركونى نسبة إلى إشتركونه: حصن من أعمال تطيلة فى الثغر الأعلى. ويبدو أنه نشأ فى سرقسطة، ولذلك نسب إليها وقيل إنه من أهلها. ويقول ابن بشكوال إنه سكن قرطبة، ولا نعرف بالضبط هل سكنها بعد أخذ النصارى لسرقسطة سنة 512 أو قبل ذلك وأكبر الظن أنه بارح سرقسطة مبكرا للقاء الشيوخ النابهين فى الأندلس، إذ تذكر كتب التراجم أنه أخذ عن ابن السيد البطليوسى ببلنسية وعن أبى بكر بن العربى بإشبيلية وعن أبى على الصدفى بمرسية سنة 508 وعن أبى محمد الرّكلى بشاطبة، واستقر بقرطبة وتصدر فيها لإقراء الأدب واللغة. ونوهت كتب التراجم بأستاذيته لكثيرين من علماء الأندلس فى العربية فى مقدمتهم ابن مضاء صاحب كتاب الرد على النحاة. ولم تذكر كتب التراجم تاريخ مولد السرقسطى وذكرت أنه توفى بقرطبة سنة 538 للهجرة. ومن آثاره كتاب المسلسل فى غريب لغة العرب وهو منشور بالقاهرة، ومقاماته اللزومية أروع آثاره، ومن أروع ما قدمت الأندلس للأدب العربى من أعمال أدبية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015