المريّة، وقد أطال ابن بسام فى ذكر تحميداته، وذكر طائفة من رسائله فى العتاب والاستزارة وله رسالة فى ذم صديق، ويقول ابن سعيد فى المغرب إنها من أبدع ما قيل فى ذم مؤاخ، ومن قوله فيها: (?)
«خلّيت عنه يدى، وخلّدت قلاه خلدى، بيض الأنوق (?) من رفده أمكن، وصفا المشقّر (?) من خدّه ألين، نزر النوال، رثّ المقال، أحاديث وعده لا تعود بنفع، ولا هى من غرب ولا نبع (?)، على وجهه من التعبيس قفل ضاع مفتاحه، وليل مات صباحه، غنىّ من الجهل، مفلس من العقل، تتضاءل النّعم لديه، وتقبح محاسن الإحسان إليه، غربال حديث إذا وعى سرّا قطر منه، كبد الزمان عليه قاسية، ونعم الله له ناسية، قصير عمر الوفاء للإخوان، عون عليهم مع الزمان، مربّ لأطفال الإحن، محى لأموات الدّمن (?)، رقدت ملء عينى فى فرش القلى (?) له وشربت زلال (?) ماء العزاء عنه»
ولابن برد رسالة وجّه بها إلى أبى الوليد بن جهور أمير قرطبة (435 - 461 هـ) جعل موضوعها مجلسا للرياحين وأنوار البساتين أخذت فيه تتفاوض وتتحاور فى أيها أجمل فى صورته وأعبق فى رائحته ثم قام من بينهم خطيب، ففضل الورد على سائر الأزهار لحمرته معللا لذلك بأن الحمرة لون الدم والدم صديق الروح. وكان بالمجلس من رؤساء الأزهار والرياحين النرجس الأصفر والبهار والبنفسج والخيرىّ، فأدوا للورد شهادتهم بتقدمه، ونسوق منها شهادة النرجس إذ يقول (?):
«والذى مهّد لى حجر الثّرى، وأرضعنى ثدى الحيا (?)، لقد جئت بالشهادة أوضح من لبّة (?) الصباح، وأسطع من لسان المصباح، ولقد كنت أسرّ من التعبّد له والشغف به، والأسف على تعاقب الموت دون لقائه. ما أنحل جسمى، ومكّن سقمى، وإذ قد أمكن البوح بالشكوى، فقد خفّ ثقل البلوى»
وتتوالى شهادة البنفسج والبهار (?) والخيرىّ، ثم تعقد الأزهار العزم على كتابة عقد