الأكبر، ونلتقى بأخرة من العصر الأموى بابن شهيد الكاتب البارع المتوفى سنة 426 وقد ترجم له ابن بسام فى ذخيرته، وذكر له طائفة كبيرة من رسائله الشخصية، وهو يطيل فيها طولا شديدا، ونسوق له قطعة من رسالة أطنب فيها ما وسعه الإطناب كتب بها إلى صاحب بلنسية شاكرا معتذرا عن الإلمام ببابه لتعلقه بقرطبة مع ما أصابها من الفتنة ومن التخريب والهدم والحرق، يقول (?):
«قد كان أقلّ حقوق مولاى أن أقف ببابه، وأخيّم بفنائه، وأهدى إليه الشكر غضّا، وأنثر عليه المدح بضّا (?)، ولكنى ممنوع، وعن إرادتى مقموع، يملكنى سلطان قدير، وأمير ليس كمثله أمير، شئ غلب صبر الأتقياء، واستولى على عزم الأنبياء، وهو العشق، باطل يلعب بالحق، ليبين ضعف البشر، وتلوح قدرة مصرّف القدر، والذى أشكو منه أغرب الغرائب، وأعجب العجائب، بثّ شاغل، وبرح (?) قاتل، وصبر يغيض (?)، ودمع يفيض، لعجوز بخراء (?)، سهكة درداء (?)، تدعى قرطبة:
عجوز لعمر الصّبا فانيه … لها فى الحشا صورة الغانيه
طاب لى الموت على هواها، ولذّ عندى سقى دمى لثراها». وله من رسالة يصور فيها أحد الأبطال المنازلين لجيوش الأعداء من نصارى الشمال (?):
«وأصل الجهاد، واستأصل الكفر والعناد، واتخذ ظهر الجواد بيتا، وظلّ اللّواء كميتا (?)، واستبدل من نقر الكران (?) قرع الطبول، ومن نغم القيان شجا الصهيل، ومن وجبة (?) المعازف لجب الخيول، يمشى فى الهجير (?)، ويسرى (?) فى الزّمهرير، ويحنّ إلى الأذان والتكبير، فى خطّة إبليس، ومصدح النواقيس».
وسنترجم لابن شهيد فى مطلع الحديث عن الرسائل الأدبية، ونمضى إلى عصر أمراء الطوائف ومن أوائل من نلقاه فى هذا العصر ابن برد الأصغر كاتب معن بن صمادح أمير