قاضيا فى مدينة مرسية، واستدعى للنهوض بالكتابة فى ديوان المستنصر حين توفى ابن عياش، وظل قائما عليه فى عهد العادل (621 - 624) وتوفيا معا فى سنة واحدة. وخلف العادل إدريس بن يعقوب وتلقب بالمأمون (624 - 629 هـ) وكان يحكم إشبيلية قبل ذلك وثار عليه البياسى بجيّان وقضى على ثورته وكان يكتب له حينذاك أبو زيد عبد الرحمن بن يخلفتن المترجم له فى الفصل الماضى أخو محمد المذكور آنفا، وقد استقدمه إلى مراكش ولم يكد يمضى بها عدة أشهر-كما مرّ بنا فى ترجمته-حتى توفى سنة 627.
وكان يكتب لولاة الموحدين فى الأندلس كتاب بارعون ويكفى أن نذكر أنه كتب لعثمان بن عبد المؤمن والى غرناطة عبد (?) الرحمن بن مسعدة وأخوه يحيى وابن جبير الرحالة المشهور وابن هرودس الوشاح المبدع على نحو ما ذكرنا فى حديثنا عن الموشحات. وأخذت الأندلس جميعها تثور على المأمون والموحدين لضعفهم فى مقاومة الأرجونيين فى الشرق والقشتاليين فى الشمال والبرتغاليين فى الغرب. وكان أهل شرق الأندلس أول من ثاروا على الموحدين بزعامة أبى عبد الله محمد بن هود سنة 625 تحت شعار الخلافة العباسية إرضاء للعامة، واتخذ مرسية قاعدة له ومدّ سلطانه على مالقة والمرية وقرطبة وإشبيلية وغرناطة، وثار عليه بإشبيلية الباجى وابن صاحب الرد وابن الجد وتوفى ابن هود سنة 635 وثار بمرسية عزيز بن خطاب سنة 636 وقتل بعد تسعة أشهر. ومن أكبر الثوار حينئذ ابن الأحمر محمد بن يوسف، وقد واقع ابن هود وانتصر عليه مرارا واستخلص منه غرناطة وأسس فيها دولتهم التى ظلت أكثر من قرنين ونصف. ومن كبار هؤلاء الثوار أبو جميل زيان بن مردنيش الثائر ببلنسية سنة 626 وقد حكم أولا تحت شعار العباسيين مثل ابن هود، ثم حول الدعوة منهم إلى الحفصيين فى تونس رجاء أن يمدوا له يد العون ضد ملك أرجون. وقد أخذت تسقط جواهر الأندلس ومدنها الكبرى فى حجور الأرجونيين والقشتاليين والبرتغاليين، وإنما ذكرنا ذلك لأن كل ثائر ممن سميناهم اتخذ كاتبا بليغا، فالبياسى كتب له أبو يحيى (?) بن هشام القرطبى وأحبطت ثورته سريعا، واعتنق النصرانية مذموما مدحورا، وكتب لابن هود أبو جعفر (?) أحمد بن