ذلك رزءا أليما وخطبا جسيما، مما جعل كثيرين من شرقى الأندلس يستنهضون عزائم أهل المغرب وأمرائهم لاسترداد بلنسية والأخذ بثأرها، من ذلك قصيدة مطولة أنشدها المقرى لشاعر وجّه بها إلى أبى زكريا الحفصى أمير تونس، يقول فيها (?):

نادتك أندلس فلبّ نداءها … واجعل طواغيت الصّليب فداءها

رش أيّها المولى الرّحيم جناحها … واعقد بأرشية النجاة رشاءها (?)

إيه بلنسية وفى ذكراك ما … يمرى الشئون دماءها لا ماءها (?)

بأبى مآذن كالطّلول دوارس … نسخت نواقيس الصّليب نداءها

هبّوا لها يا معشر التّوحيد قد … آن الهبوب وأحرزوا علياءها

والقصيدة تزخر بالعاطفة الدينية، فالأندلس تستجير ضارعة من حملة الصليب الطغاة، ويتوسل الشاعر إلى أبى زكريا أن يريش جناح الأندلس المهيض ويعقد حبلها وخيوطها بحبال النجاة وما يرسل إليها من الجيوش الجرارة. ويبكى بلنسية وما دهاها، مما يفيض المدامع لا ماء بل دماء ساخنة حارة، ويود لو فدى المآذن الدارسة بروحه، ويتحسر على ندائها: «الله أكبر» الذى نسخته نواقيس الصلبان بل محته محوا.

ويستصرخ المسلمين أهل التوحيد أن يهبوا لإنقاذ الأندلس من أهل الصليب وما ينزلون بها من محن وخطوب عظام. وتسقط فى أواخر سنة 639 مدينة شقر جنوبىّ بلنسية: بلدة ابن خفاجة أكبر شعراء الطبيعة فى الأندلس، ويلتاع الكاتب الشاعر ابن عميرة أحد أبنائها لسقوطها التياعا شديدا آملا فى استردادها من حملة الصّليب بمثل قوله: (?)

قد عاد قلبى من شرق أندلس … عيد أسى فتّه وما فتّر (?)

ودون شقر ودون زرقته … أزرق يحكى قناه أو أشقر

الرّوم حرب لنا وهم وشل … سالمه الواردون فاستبحر (?)

إنا لنرجو للدّهر فيأة من … أناب مما جناه واستغفر (?)

ونرقب الكرّة التى أبدا … بها على الروم لم نزل نخبر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015