أستاذه-بغرس الشجر فى صحن المسجد الجامع بقرطبة، وظل به العمل فى المساجد الجامعة بالأندلس (?) بعد انصرافها عن مذهب الأوزاعى إلى مذهب مالك (?) بن أنس إمام المدينة، إذ كانوا يرحلون فى كل عام إلى الحجاز للحج، وكانت المدينة حتى وفاة مالك سنة 179 تعدّ دار الفقه ويؤمها ويؤم إمامها مالك التلاميذ من كل فجّ، فكان طبيعيا أن يكون بين هؤلاء التلاميذ أندلسيون، وخاصة أنه كان لمالك سمعة مدوّية فى العالم الإسلامى، وأيضا فإن عبد الرحمن الداخل (138 - 172 هـ) وابنه هشاما (172 - 180 هـ) دفعا الطلاب للرحلة إلى مالك لأنه كان مغاضبا للعباسيين منذ أفتى أهل المدينة بالتحلل من بيعة الخليفة المنصور ومبايعة النفس الزكية محمد بن عبد الله سليل الحسن بن على بن أبى طالب سنة 145 ولم يلبث واليها جعفر بن سليمان أن دعا بمالك سنة 146 بعد القضاء على ثورة النفس الزكية، وجرّده وضربه بالسياط عقابا له على فتواه (?). وهو ما جعل-فى رأينا-عبد الرحمن الداخل وابنه هشاما يتشيعان لمالك ومذهبه الفقهى نصرة له ضد العباسيين وصاحبهم أبى حنيفة وتلاميذه، مما أشعل الحماسة فى نفوس طلاب العلم الأندلسيين للتلمذة على مالك وحمل كتابه الموطأ إلى الأندلس ودراسته للطلاب بقرطبة وغير قرطبة، ومن أوائل من أدخله إلى الأندلس-إن لم يكن أول من أدخله-الغازى بن قيس الذى مر بنا بين المؤدبين والقراء، يقول ابن القوطية:
«فى أيام عبد الرحمن بن معاوية (الداخل) دخل الغازى بن قيس الأندلس بالموطأ عن مالك وبقراءة نافع، وكان له مكرما ومتكررا عليه بالصلة فى منزله» (?) ويقول الحميدى:
كانت تدور الفتيا على الغازى بن قيس فى عهد هشام إذ كان مشاورا مع مصعب بن عمران (?). ومن أوائل من أدخلوا الموطأ أيضا إلى الأندلس شبطون (?): زياد بن عبد الرحمن المتوفى سنة 204 وفى بعض الروايات أنه أول من أدخل الموطأ إلى