ويذكر الزبيدى فى طبقاته عشرات من لغويى الأندلس فى القرن الثالث الهجرى، منهم عثمان (?) بن المثنى القيسى تلميذ ابن الأعرابى، لقى أبا تمام وأخذ عنه ديوانه وأقرأه بقرطبة، ومنهم الرشاش سعيد (?) بن الفرج وكان من أقوم العلماء فى زمانه على لسان العرب وأحفظهم للغة وأعلمهم بالشعر وكان يحفظ أربعة آلاف أرجوزة، ومنهم محمد بن عبد الله حفيد الغازى السالف ذكره، تتلمذ للغويى العراق من أمثال الرياشى وأبى حاتم وجلب إلى الأندلس علما كثيرا من اللغة والعربية، وعنه روى الأندلسيون الأشعار المشروحات كلها، ومنهم ثابت (?) بن عبد العزيز وابنه قاسم وهما أول من أدخل معجم العين المنسوب إلى الخليل بالأندلس، وأدخله بعدهما القاضى منذر بن سعيد بسماعه من أبى العباس بن ولاد المصرى المتوفى سنة 332 ويبدو أنه كانت قد وصلت إلى الأندلس نسخ مختلفة من هذا المعجم مما جعل الحكم المستنصر يكلف أربعة من العلماء اللغويين بمقارنة هذه النسخ من العين بعضها على بعض لاستخلاص نسخة دقيقة الضبط (?).
وينزل قرطبة أبو على (?) القالى اللغوى الكبير سنة 330 لعهد عبد الرحمن الناصر، فيكون نزوله فيها فاتحة عهد لغوى عظيم، ويستقبله الناصر استقبالا كريما، ويوالى هو وابنه الحكم رعايته وإغداق المال عليه، ونشط فى التأليف والتدريس بقرطبة وضاحيتها الزهراء حتى وفاته سنة 356 وكان مما أملاه على الطلاب من مؤلفاته كتابه «الأمالى» وهو مجلدان من مختارات شعرية ونثرية مع شرح ما جاء فيها من الغريب، وأتبع هذا الكتاب بكتاب على شاكلته سماه «ذيل الأمالى والنوادر» وأملى أيضا من تأليفه كتابه المقصور والممدود والمهموز وكتابا فى الأمثال سوى مؤلفات أخرى، وأهم من ذلك شروحه للمعلقات وروايته هناك للمفضليات والنقائض وشعر الهذليين وإدخاله دواوين النابغة الذبيانى وعلقمة والأعشى والحطيئة والشماخ والنابغة الجعدى وأوس بن حجر والقطامى