الأندلس، وكثر معها الإقبال على الدراسات المنطقية، ويشير صاعد بن أحمد الطليطلى المتوفى سنة 462 فى كتابه طبقات الأمم مرارا إلى من أكبوا على دراسة المنطق من مثل أبى الوليد الوقشى الطليطلى وابن الجلاب السرقسطى وابن سيده المرسى، وفيه يقول:
«عنى بعلوم المنطق عناية طويلة وألف فيه تأليفا كبيرا مبسوطا». وعلى الرغم مما يقال من أن عصر المرابطين كان عصر الفقهاء المحافظين نجد الدراسات المنطقية والفلسفية تنشط فيه ويشتهر بها غير منطقى ومتفلسف، ويلقانا ممن عكفوا على دراسة المنطق أبو الصلت أمية (?) بن عبد العزيز الدانى المتوفى سنة 529 وله فى المنطق كتاب تقويم الذهن المنشور بمدريد مع ترجمة إسبانية. ويلقانا من المتفلسفة ابن (?) السيد البطليوسى عبد الله بن محمد المتوفى سنة 521 وهو عالم لغوى وله فى الفلسفة رسالة مطبوعة فى القاهرة بعنوان: «كتاب الحدائق فى المطالب الفلسفية العويصة» وفيه يتحدث عن ترتيب الموجودات عن السبب الأول وأن صفات الله-جل شأنه-لا يصح أن يوصف بها إلا عن طريق السلب وأن نفس الإنسان الناطقة لا تفنى-بل تبقى-بعد موته. ويذكر ابن السيد فى الكتاب بعض أقوال لأرسطو وزينون وأفلاطون وغيرهم من فلاسفة اليونان، وقد أورد فيه لأفلاطون فقرا من محاورة تيماوس ونقل بالنثيا عن آسين بلاسيوس أنها لا تتفق مع النص اليونانى المعروف لتلك المحاورة.
وأهم من ابن السيد معاصره ابن (?) باجة المتوفى سنة 533 للهجرة، وهو أول فيلسوف أندلسى بالمعنى الدقيق لكلمة فيلسوف، وقد انحدر من أسرة فى سرقسطة شمالى الأندلس كانت تحترف الصياغة، ولا تذكر المصادر التى عنيت بالترجمة له شيئا عن نشأته ودراسته، ويبدو أنه أكبّ مبكرا على دراسة الفلسفة وعلوم الأوائل، كما أكبّ على علم الألحان والغناء، وبلغ فيه كما بلغ فى الفلسفة وعلم الأوائل مبلغا عظيما. وكان شاعرا مبدعا كما كان ناثرا بليغا، مما جعل أبا بكر (?) بن تيفلويت حين حكم سرقسطة من قبل