عاما وقد رحل إلى المشرق وجلب معه-لأول مرة-إلى الأندلس-رسائل إخوان الصفا، واستقر بسرقسطة عند بنى هود فى رعاية المقتدر بالله بن هود أميرها (438 - 474 هـ) وكان يشغف بالرياضيات والفلك والفلسفة، وخلفه ابنه يوسف المؤتمن إلى أن توفى سنة 478 وكان يكبّ على الرياضيات وله فيها كتاب المناظر، وله أيضا كتاب الاستهلال فى الفلك (?).
ولعل فى التلامذة السابقين لمسلمة المجريطى ما يدل من بعض الوجوه على أن أمراء الطوائف كانوا يأخذون أنفسهم بتشجيع العلماء، وكانت منافسة حميدة بينهم، ولا يلبث أن يظهر فى عصرهم علم الرياضيات الزّرقالى (?) القرطبى المتوفى سنة 472 وهو من أعاظم علماء الفلك العرب، وله زيج أو جداول فلكية وأسطرلاب واخترع له أجهزة دقيقة كالزرقالية والصفيحة. وابتكر فى الفلك نظرية جديدة مهمة عن الكواكب السيارة والحركات الدائرية للنجوم، واستخدم ألفونس العاشر وعلماؤه من مؤلفاته رسالة فى العمل بأسطرلاب الصفيحة، وكما ترجمت إلى الإسبانية القديمة أو القشتالية ترجمت إلى اللاتينية ومثلها كتابه «طريقة فى عمل أسطرلاب لرصد الكواكب السبعة وأفلاكها».
وينتهى عصر أمراء الطوائف وتدخل الأندلس فى حوزة المرابطين منذ سنة 584 للهجرة ويكون للفقهاء سلطان كبير فى عهدهم ولكنه لا يعوق نشاط الرياضيين والفلكيين وغيرهم من أصحاب علوم الأوائل والفلسفة، ويظل المرابطون فى الأندلس حتى أواخر العقد الرابع من القرن السادس الهجرى ويلمع فى عصرهم اسم جابر (?) بن أفلح الإشبيلى وله كتاب فى حساب المثلثات، عرضها فيه بطريقة مبتكرة، وأهم منه كتابه فى علم النجوم الذى سماه إصلاح المجسطى، وفيه عرض ملاحظات دقيقة عن منازل الشمس وحركات الكواكب، وهو أحد الكتب التى تعد بالعشرات مما ترجمه إلى اللاتينية جيرار دى كريمونا المتوفى بطليطلة سنة 583 هـ/1187 م. وتخلف دولة الموحدين دولة المرابطين فى الأندلس منذ العقد الخامس فى القرن السادس الهجرى، ويتألق فى عهدهم بالنصف الثانى من القرن اسم عالم رياضى إشبيلى عربى يعدّ فى طليعة الرياضيين