العرب الشاميون بينما انضوى اليمنيون والعرب البلديون والبربر تحت لواء يوسف بن عبد الرحمن الفهرى، واتفق الطرفان سنة 129 أن تكون ولاية الأندلس ليوسف ويتخذ الصميل مستشارا له ووزيرا، وبذلك عاد الأمن والنظام إلى الأندلس حتى سنة 138 ولكنها لم تعد إلى الجهاد فى غالة (فرنسا) ولا إلى الحفاظ على ما أضاعته من الأندلس الهجرة البربرية الكبرى، مما أتاح الفرص لنصارى الشمال أن يقيموا لهم دولا ما زالت تناضل المسلمين قرونا متطاولة إلى أن سقطت غرناطة آخر معاقلهم بتلك الديار.
لا نصل إلى أواخر السنة الثانية والثلاثين بعد المائة حتى يقضى العباسيون على الدولة الأموية فى المشرق وقد مضوا يستأصلون الأمويين فى مذابح جماعية، وكأنهم لا يريدون أن يبقوا منهم على وجه الأرض باقية. فى هذه الأثناء فرّ شاب أموى فى التاسعة عشرة من عمره إلى إفريقيا هو عبد الرحمن بن معاوية ابن الخليفة هشام بن عبد الملك، واستطاع أن يدخل الأندلس-ولذلك سمّى عبد الرحمن الداخل-وأن يقبض على زمام الحكم بها ويجعله وراثيا فى أسرته لمدة ثلاثة قرون متوالية. وبذلك أثبت أن الدولة الأموية إذا كانت سقطت فى المشرق فقد قامت فى الأندلس وكل ما هناك أن العاصمة انتقلت من دمشق إلى قرطبة.
وأحيط فرار عبد الرحمن إلى إفريقيا ودخوله إلى الأندلس بكثير من المبالغات والأساطير، من ذلك أنه كان بإحدى قرى العراق مع أختين له وأخ صغير فى الثالثة عشرة من عمره حين كان العباسيون ينكّلون بأفراد أسرته، وحاصرت جنودهم القرية،