وتطورها على مر العصور العربية هناك وإسهام المرأة الأندلسية فيها وما أضافه علماء الأندلس فى مختلف العلوم الرياضية وغير الرياضية من مثل البطروجى وهو- لاكبلر (kepler) الألمانى-الأب الحقيقى لعلم الفلك الحديث، ومثله الزهراوى فى الجراحة العالمية وعبد الملك بن زهر فى الطب الإكلينيكى وابن البيطار فى الصيدلة.

وناهيك بازدهار الفلسفة فى الأندلس وتلمذة الغربيين لفلاسفتها وخاصة ابن رشد الذى ظل يدرس قرونا متعاقبة فى جامعاتهم منذ القرن الرابع عشر الميلادى، وكان أثره العميق فى الفكر الأوربى حاسما، وخاصة فى حركة التحرر والإصلاح الدينى.

وأوضح الحديث عن النشاط اللغوى بالأندلس اكتشاف ابن حزم وابن سيده لعلم فقه اللغة المقارن بين اللغات السامية قبل اكتشاف الغربيين لهذا العلم بقرون عديدة.

وتبيّن فى الفصل ما لعلماء مصر من أستاذية لغير عالم أندلسى فى اللغة والنحو والتاريخ والقراءات وحمل الأندلسيين فيها لقراءة ورش المصرى، وحملهم لفتاوى عبد الرحمن بن القاسم ونظرائه المصريين فى الفقه. وأشار الحديث فى الفصل إلى التقاء المبدأين الأساسيين فى فلسفة ديكارت بأفكار المعتزلة والمتكلمين، وهما مبدأ الشك فى حقائق الأشياء حتى يتضح وجه اليقين، ومبدأ أنا أفكر فأنا موجود، مما يقتضى وجود الخالق رب العالمين.

والفصل الثالث يعرض نشاط الشعر والشعراء، ويستهل بالحديث عن تعرب سكان الأندلس جميعا: من أسلم منهم وأبنائهم المولدين ومن ظل على دينه المسيحى ولم يدخل فى الإسلام. وتدل على تعرب المسيحيين هناك أقوى دلالة صرخة القس ألبر والمشهورة التى يتحسّر فيها على إهمال الشبان المسيحيين فى إيبيريا للغة آبائهم اللاتينية الدارجة وازدرائهم لما ألّف فيها من كتابات مسيحية، بينما يقبلون فى شغف على تعلم العربية واتخاذها أداة للتعبير عن أفكارهم ومشاعرهم نثرا وشعرا. ويؤكد بالنثيا فى كتابه تاريخ الفكر الأندلسى تلك الصيحة ويدعم دلالتها بوثائق كنسية لاتينية تحمل قصائد عربية وأيضا بكتابات لاتينية لنصارى الإسبان-حتى بعد خروج العرب من الجزيرة-على هوامشها شروح وتعليقات باللغة العربية. وفى ذلك ما يؤكد-بوضوح-خطأ نظرية المستشرق الإسبانى ريبيرا المفضية إلى أن عرب الأندلس كانوا يستخدمون اللاتينية الدارجة لغة خطاب فى حياتهم اليومية، وهم إنما كانوا يستخدمون فى تلك الحياة عامية عربية أندلسية، وزعم ريبيرا-خطأ-أن الأزجال الأندلسية نظمت باللاتينية الدارجة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015