ونفس ابن سناء الملك مضى ينظم فيه عشرات جديدة من الموشحات حتى لنجد السخاوى فى كتابه «سجح الورق المنتحبة فى جمع الموشحات المنتخبة» ينشد له أربعا وثمانين موشحة.
وترجمت لوشّاحين مصريين كبيرين هما العزازى وابن الوكيل. وشاعت الموشحات بمصر على ألسنة المتصوفة فى أذكارهم، ولعلى بن وفا شيخ الطريقة الوفائية فى أواخر القرن الثامن الهجرى وأوائل التاسع ديوان جميعه موشحات صوفية. ويكثر القاضى الفاضل وزير صلاح الدين فى شعره من المحسنات البديعية، ويصبح له فى طريقة استخدامه لها وفى إكثاره من التورية مدرسة يتكاثر أتباعها فى أيام الدولتين الأيوبية والمملوكية بمصر والشام.
ويكثر شعر المديح، ويظل يجرى على الألسنة زمن الولاة أيام الدولتين الأموية والعباسية، حتى إذا أظل مصر عهد الدولة الطولونية تبارى الشعراء فى مديح أحمد بن طولون وفى مقدمتهم الجمل الأكبر الحسين بن عبد السلام الذى مر ذكره آنفا، ومن شعراء تلك الدولة المريمى القاسم بن يحيى شاعر خمارويه. ويشتهر بعده فى زمن الإخشيد سعيد بن فاخر شاعره، ويترجم الثعالبى فى اليتيمة لكثيرين من شعراء الدولة الإخشيدية، وخاصة من التفوا حول المتنبى حين مقامه فى القاهرة مادحا لكافور، ويكثر المديح كثرة مفرطة منذ القرن السادس الهجرى ويكثر شعراؤه النابهون، وقد ترجمت لخمسة منهم عارضا روائع مدائحهم، وهم المهذب بن الزهير شاعر طلائع بن رزيك الوزير بأخرة من الدولة الفاطمية، وقد نوه طويلا ببعض انتصاراته على حملة الصليب، وابن قلاقس الشاعر الاسكندرى المادح لشاور الوزير الفاطمى والمهاجر بشعره إلى صقلية واليمن مادحا رجالاتهما مدحا رائعا، والشاعر المبدع ابن سناء الملك شاعر صلاح الدين ووزيره القاضى الفاضل، وهو أهم شعراء مصر قبل العصر الحديث ويتميز بفرائد بديعة من التصاوير الطريفة والألفاظ الحلوة العذبة، وابن نباتة شاعر المؤيد صاحب حماة والسلطان المملوكى حسن، ويتميز بلغة سهلة رشيقة مع كثرة التوريات، والشيخ عبد الله الشبراوى شيخ الأزهر فى أيام العثمانيين وله مدائح كثيرة فى ولاتهم.
وينشط الرثاء فى مصر للحكام وكبار الكتاب وأصحاب المناصب العليا فى الدول المتعاقبة، وتكثر الشكوى من الزمن وتقلباته ونوائبه، على نحو ما نجد عند على بن النضر الشاعر الفاطمى ومراثيه وشكواه من الزمن، وعند على بن عرام شاعر أسوان، وله مرثية