السوداء لأن من كانوا يعرضون هذه اللعبة بتركيا كانوا من الغجر الجوالين، غير أنا نرجح الرأى الأول. وقد دخلت الكلمة ثانية إلى مصر باسم «أراجوز».
نمضى إلى زمن العثمانيين بمصر فنجد عالما واعظا يسمى يوسف الشربينى يصف حال سكان الريف المصرى وما نزل بهم لعهد العثمانيين من البؤس والفقر والضنك والجهل فى قصيدة يسميها «قصيدة أبى شادوف» وشرح لها يسميه «هز القحوف» وقد ملأ الشرح بنوادر فكاهية عما كان يعانيه أهل الريف حينئذ من الأمية والجهل وبطش الكاشف أو حاكم الإقليم وظلمه وما كان يصليهم من السخرة وما كانوا يرزحون فيه من المسغبة فإن طعموا لم يطعموا إلا العدس وطعاما يتّخذ من الفول يسمى البيسار والمشّ العتيق، ومعاذ الله أن يطعموا شيئا وراء ذلك من لحم وغير لحم. ويقول عن أبى شادوف الثرىّ الريفى صاحب القصيدة إنه لم يكن يملك سوى حمار أعرج وعنزتين وحصة فى ثور الساقية ونصف بقرة وعشر دجاجات وديك وأربع كيلات من نخال الشعير. ويفيض الكتاب بنوادر لاذعة تحمل فى أطوائها كثيرا من الطعنات لحكم العثمانيين الغاشم وسوآته.
كثرت فى مصر منذ أيام الفاطميين كتب قصص الأنبياء مجموعة أو مفردة: قصة لموسى وقصة ليوسف عليهما السلام أو لغيرهما من الأنبياء وخاصة إبراهيم الخليل. ومرّ بنا فى الحديث عن كتابة التاريخ فى الفصل الثانى بيان لبعض ما كتب فى السيرة النبوية، ومنذ الحروب الصليبية كثرت الكتابة فى ميلاد الرسول صلّى الله عليه وسلم وما اقترن به من خوارق وحياته وما رافقها من معجزات، وكان ذلك يكتب نثرا وتتخلله أشعار باسم «المولد النبوى». وعادة كان هذا المولد يلقى فى الاحتفال بذكرى ميلاد الرسول، وكانت تلقى معه «قصة الإسراء والمعراج» الإسراء برسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى المسجد الأقصى والعروج به إلى السماء. وقد أصبح من الثابت أن دانتى تأثر تأثرا واضحا بهذه القصة الأخيرة فى الكوميديا الإلهية (?) ويجانب هذا القصص الدينى الذى لا يزال كثير منه مخطوطا