سبحان من قسم النّحو … س لقاسم وأذلّ هامه
وكساه ثوب جناية … يخزى بها يوم القيامه
ومضى يتهمه بأنه يعين لصوص البيوت ويسرق الحرير ويسلّ الكحل من العيون، وردّ عليه قاسم هاجيا مداعبا، من نفس الوزن والقافية، وكأنهما يعيدان لنا نقائض جرير والفرزدق يقول قاسم:
جلّ الذى قسم الشّقا … لشبانة وله أدامه
بعمامة لو خالها ال … قلاّ توهّمها برامه
موروثة عن جدّه … من قبل أن تبنى القمامه
لو كان يصلح للصلا … ة لحقّ للقرد الإمامه
والقلاّ مقصور القلاّء وهو من يقلى اللحوم والأطعمة، والبرام: القدر الذى يقلى فيه. يشير بذلك إلى ضخم رأسه وقذارة عمامته. ولعله يريد بالقمامة كنيسة القيامة بالقدس، وقد بنيت حوالى سنة 321 للميلاد. والدعابة واضحة فى الأبيات. ونقف قليلا عند بعض شعراء الفخر والهجاء:
هو تميم بن المعز مؤسس الدولة الفاطمية بمصر، ولد لأبيه سنة 337 بمدينة المهدية التى بناها جده عبيد الله المهدى بتونس، وقد تحول عنها ابنه الخليفة المنصور فى نفس السنة التى ولد فيها تميم حفيده إلى مدينة أسسها هناك سماها المنصورية، وولد لأبيه بعده على التوالى عبد الله ونزار وعقيل، وكان المعز قد بويع بولاية العهد فى حياة أبيه المنصور، وجدّدت له البيعة حين توفى سنة 341. وكان فى الثانية والعشرين من عمره، وكان حصيفا سيوسا، دانت له إفريقية من تونس إلى المحيط ما عدا سبتة فإنها ظلت-كما مر بنا فى غير هذا الموضع-مع عبد الرحمن الناصر الأموى صاحب الأندلس، وسيّر جوهرا قائده إلى مصر فافتتحها سنة 358 - كما مر بنا فى غير هذا الموضع-ودخلها المعز فى سنة 362 وكان عالى الهمة يحكم تدبير الأمور حازما منتهى الحزم،