ومعروف أن عناية العرب بالبيطرة ومداواة الخيل قديمة، وكان طبيعيا والطب ينشط فى مصر النشاط السالف فى أيام المماليك أن يعنى بعض أطبائها بالطب البيطرى، ومن خير ما ألّف فيه كتاب لطبيب بيطرى كان المشرف على خيل السلطان الناصر محمد بن قلاوون، هو أبو بكر (?) بن المنذر بن بدر المتوفى سنة 741 واسم الكتاب «كامل الصناعتين: الزردقة والبيطرة» والزردقة دراسة الخيل والبيطرة: علم أمراض الخيل وأدويتها وقد ترجم الكتاب إلى الفرنسية الدكتور بيرّون، وترجمه إلى الألمانية حديثا فرونر. ولأيدمر (?) الجلدكى المتوفى سنة 743 (وقيل بل سنة 763) كتب فى المعادن منها، المصباح فى علم المفتاح وهو مطبوع فى بومباى، وكتاب نتائج الفكر فى أحوال الحجر وهو مطبوع فى القاهرة.

وتكاد تتوقف هذه الحركة العلمية الدائبة فى زمن العثمانيين، ولكن تظل منها بقايا غير قليلة فى الجامع الأزهر وفى بعض المدارس. وتظل مصر ترعى العلوم الإسلامية واللغوية وبعض ما تبقى فيها من علوم الأوائل، ومن يرجع إلى كتاب الكواكب السائرة فى علماء المائة العاشرة لنجم الدين الغزى المتوفى سنة 1016 وكتاب خلاصة الأثر فى أعيان القرن الحادى عشر للمحبى المتوفى سنة 1111 سيجد فيهما كثيرين يعنون بالرياضيات والفلك مثل عبد القادر المنوفى الفلكى بالمدرسة الغورية المتوفى سنة 980 ومصطفى بن شمس الدين الدمياطى المتوفى سنة 1038 وعبد الله المقدسى الأزهرى المتوفى سنة 1070. ويسوق الجبرتى فى تاريخه تفاصيل كثيرة عن الرياضيين والفلكيين فى القرن الثانى عشر الهجرى ويذكر فى طليعتهم رضوان (?) الفلكى المتوفى سنة 1122 صاحب الزيج الرضوانى، ويقول الجبرتى إنه حرره على أصول الرصد السمرقندى وزيجه المشهور الذى صنعه أوليغ بك سنة 840 هـ‍/1437 م. وينوّه الجبرتى بأن أباه كان يملك نسخة من هذا الزيج النفيس، وكذلك كان يملك نسخة منه حسن (?) أفندى قطة، فكان بالقاهرة منه نسختان غير النسخة التى كان يملكها-فيما نظن-رضوان الفلكى. ويشيد الجبرتى بأبيه فى الرياضيات والفلك، وبتلميذ من تلاميذ رضوان هو جمال الدين يوسف (?) الكلارجى المتوفى سنة 1153 ويقول إنه اخترع ما لم يسبق به، ويذكر أنه ألف كتابا فى الظلال ورسم المنحرفات والبسائط والمزاول والأسطحة، وأن له فى منازل القمر كتابا أسماه «كنز الدرر فى أحوال منازل القمر».

طور بواسطة نورين ميديا © 2015