ويكفى لبيان ازدهار دراسة الطب حينئذ أن تنتج مصر شيخ الأطباء لزمنه علاء الدين على بن أبى الحزم المعروف باسم ابن النفيس (?) العلامة فى فنه الذى لم يكن فى زمنه من يضاهيه فى الطب والعلاج والعلم، كما يقول ابن تغرى بردى، ويكفيه فخرا ما ذكره ألدومييلى وغيره من الغربيين من أنه اكتشف لأول مرة الدورة الدموية الثانية، مسجلا بذلك كشفا طبيا خطيرا لم يستطع الأطباء منذ جالينوس إلى زمنه اكتشافه. ومن كتبه «الشامل فى الطب» و «المهذب فى الكحل» وشرح القانون فى الطب لابن سينا. وقد توفى سنة 687 بعد أن أوقف داره وأملاكه وجميع ما يتعلق به على مارستان قلاوون الذى كان يعمل به رئيسا لأطبائه. وولى رياسة الأطباء بعده مهذب الدين بن أبى حليقة المار ذكره، ويسرد السيوطى فى حسن (?) المحاضرة أسماء طائفة من الأطباء فى القرن الثامن الهجرى. ومن الأطباء الذين لم يذكرهم محمد (?) بن الأكفانى المتوفى سنة 748 ويبدو أن تخصصه الأكبر كان فى طب العيون، ومن مصنفاته فى الرمد «كشف الغين فى أحوال العين» وله كتاب فى الطب المنزلى سماه «غنية اللبيب» وكتاب فى الفصد سماه «نهاية القصد» وكتاب فى الأحجار النفيسة سماه «نخب الذخائر» ومن كتبه: «إرشاد القاصد إلى أقصى المقاصد» وهو مختصر جامع لفنون شتى تبلغ ستين فنا نشره شبرنجر فى المكتبة الهندية. واشتهر بعده فى طب العيون صدقة (?) بن إبراهيم الشاذلى، ويغلب أن يكون تلميذه إذ هو من أطباء النصف الثانى من القرن الثامن الهجرى المقابل للقرن الرابع عشر الميلادى. ومما يدل على شهرة مصر لأيام المماليك فى الطب والأطباء ما يذكره ابن إياس فى كتابه بدائع الزهور من أن السلطان بايزيد العثمانى أرسل فى سنة 795 رسولا إلى السلطان برقوق يسأله أن يبعث إليه بطبيب مختص بأمراض المفاصل فأرسل إليه رئيس الأطباء ابن صغير ومعه أدوية كثيرة لعلاجه (?). ويظل هذا النشاط الطبى فى مصر حتى نهاية زمن المماليك إذ نلتقى فى زمن قانصوه الغورى (906 - 921 هـ) بالطبيب محمد القوصى، وإليه قدّم كتابه «كمال الفرحة فى دفع السموم وحفظ الصحة» ومنه مخطوطة بدار الكتب المصرية.